.webp)
مؤسسة غزة الإنسانية توقف عمليات المساعدات بعد تهديدات من حماس وتواجه انتقادات دولية
في تطور جديد يسلط الضوء على الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، أعلنت "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتحدة أنها اضطرت إلى وقف جميع عمليات توزيع المساعدات الإنسانية مؤقتاً، وذلك بعد تلقيها تهديدات مباشرة من قبل حركة حماس، وفقاً لبيان صادر عن المؤسسة يوم السبت.
❖ تهديدات مباشرة وتعليق فوري للعمليات
قالت المؤسسة في بيان رسمي إنها لم تتمكن من توزيع أي شحنة مساعدات اليوم بسبب ما وصفته بـ"تهديدات مباشرة" من حركة حماس ضد عملياتها على الأرض. وأوضحت:
"هذه التهديدات حالت دون مواصلة العمل اليوم دون تعريض أرواح الأبرياء للخطر".
ورغم التهديدات، أكدت المؤسسة أنها لن تتراجع عن مهمتها الإنسانية، وأشارت إلى أنها تعمل حالياً على إعادة هيكلة وتكييف آلية العمل بما يضمن السلامة والاستقرار، مع تأكيد نيتها استئناف عمليات التوزيع في أقرب وقت ممكن.
❖ السياق الميداني: مجاعة تلوح في الأفق
يأتي هذا التعليق في وقت حرج تمر به غزة، حيث يواجه أكثر من 2.3 مليون فلسطيني خطر المجاعة بعد حصار إسرائيلي خانق استمر 11 أسبوعاً، وأدى إلى توقف شبه كامل في دخول المساعدات الإنسانية. ورغم استئناف جزئي للتسليمات في 19 مايو/أيار، إلا أن الكميات لا تزال غير كافية لتغطية الاحتياجات الكارثية المتزايدة.
❖ انتقادات أممية ودولية واسعة للمؤسسة
منذ انطلاق عملياتها، واجهت "مؤسسة غزة الإنسانية" انتقادات شديدة من المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، التي اتهمت المؤسسة بـ"الافتقار إلى الحيادية وعدم الالتزام بالمعايير الإنسانية المتعارف عليها".
ويُخشى من أن يؤدي تدخل جهات غير محايدة في توزيع المساعدات إلى تعقيد المشهد الإنساني أكثر وزيادة التوترات بين الفصائل المحلية والمنظمات الإغاثية.
❖ إخفاقات تنظيمية وتزاحم الحشود
وفي الأسبوع الماضي وحده، اضطرت المؤسسة إلى تعليق عملياتها مرتين نتيجة لفوضى التنظيم وتزاحم آلاف المدنيين على مراكز التوزيع، وهو ما تسبب في مشاهد من الفوضى وعدم السيطرة، مما زاد من الانتقادات الموجهة لها وأثار مخاوف أمنية كبيرة.
كما استقال مدير المؤسسة مؤخراً، وسط تقارير غير مؤكدة عن خلافات داخلية بشأن آلية توزيع المساعدات والتعامل مع الضغوط السياسية من أطراف خارجية.
❖ موقف الولايات المتحدة وإسرائيل
ورغم أن الولايات المتحدة وإسرائيل تؤكدان عدم تمويل مؤسسة غزة الإنسانية بشكل مباشر، إلا أنهما، وفقًا لتقارير إعلامية، يضغطان على الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية للتعاون معها، في خطوة تثير تساؤلات حول طبيعة العلاقة الثلاثية ومدى تأثير السياسة على العمل الإنساني.
❖ اتهامات متبادلة بشأن سرقة المساعدات
من جانبها، اتهمت الولايات المتحدة وإسرائيل حركة حماس بتحويل المساعدات الإنسانية التي توزعها الأمم المتحدة وشركاؤها منذ فترة طويلة لصالح أنشطتها، وهو ما نفته الحركة بشدة، مؤكدة أن المساعدات تصل للمستحقين دون تدخل منها.
❖ تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية
في سياق متصل، أدى تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) إلى تقليص كبير في البرامج الإغاثية والتنموية التي كانت تنفذ في غزة، حيث تم إلغاء أكثر من 80% من مشروعاتها، تاركة الآلاف من الموظفين المحليين مهددين بفقدان وظائفهم، في إطار سياسة إدارة ترامب التي تمحورت حول شعار "أميركا أولاً".
وقد فُسّر هذا التفكيك على أنه تخلي ضمني عن الالتزام الأميركي بالمسؤولية الإنسانية تجاه الأزمات في الشرق الأوسط، ما أوجد فراغًا في المشهد الإغاثي لم تملأه حتى الآن أي جهة بديلة.
❖ هل تفقد المؤسسات الإنسانية استقلالها؟
الجدل الدائر حول "مؤسسة غزة الإنسانية" يُعيد إلى الواجهة سؤالًا أوسع حول مدى استقلالية العمل الإنساني في مناطق النزاع. فبينما تتهم الأمم المتحدة المؤسسة بعدم الحيادية، تشير تقارير متعددة إلى أن الضغوط السياسية تلعب دورًا كبيرًا في توجيه طريقة عمل هذه الكيانات الجديدة.
ويحذر خبراء من أن تسييس المساعدات الإنسانية قد يؤدي إلى فقدان ثقة السكان المحليين، ويعرض العاملين للخطر، ويُضعف الجهود الدولية الحقيقية لتخفيف المعاناة.
❖ ماذا بعد؟
رغم تأكيد المؤسسة عزمها على استئناف عملياتها قريباً، إلا أن التحديات على الأرض تبقى كبيرة. التهديدات الأمنية، نقص التنسيق، ضعف الثقة، وأزمة الشرعية كلها تشكل عقبات رئيسية أمام أي تدخل إنساني فعال في غزة اليوم.
وبينما تستمر المجاعة الوشيكة في التوسع، يتساءل المراقبون عن إمكانية وجود حلول إنسانية أكثر شمولاً وعملية يتم التوافق عليها دولياً لضمان وصول الغذاء والماء والدواء إلى من هم في أمسّ الحاجة إليه دون تدخل سياسي أو أمني.
❖ دور الأمم المتحدة والمنظمات المحايدة
في ظل هذه الأزمة، تتعاظم الحاجة إلى دعم ومساندة المنظمات الإنسانية المحايدة ذات الخبرة الطويلة في النزاعات، مثل "الصليب الأحمر"، "أطباء بلا حدود"، ووكالة "الأونروا"، التي لا تزال تحظى بقدر من الثقة بين سكان القطاع رغم ما تواجهه من تحديات.
ويؤكد مختصون في العمل الإنساني أن تعزيز الشفافية والتنسيق الدولي هو السبيل الوحيد لضمان استمرار وصول المساعدات، بعيدًا عن التجاذبات السياسية والخلافات المسلحة.
❖ حياة المدنيين في الميزان
بين تهديدات حركة حماس، وضغوط السياسة الأميركية، وانتقادات المنظمات الدولية، تظل حياة 2.3 مليون إنسان في غزة معلقة على خيط رفيع من الأمل في وصول مساعدات كافية وآمنة.
ويبقى السؤال مفتوحًا: هل سيتغلب العالم على الانقسامات السياسية من أجل إنقاذ أرواح الأبرياء، أم أن المساعدات ستظل ساحة جديدة للصراع؟