مستشار الأمن الإسرائيلي: طهران لا تزال تملك آلاف الصواريخ

 

إيران وإسرائيل، تساحي هنجبي، صواريخ إيران، هجوم نطنز، الحرب الإيرانية الإسرائيلية، ترسانة باليستية، الأمن القومي الإسرائيلي، الضربات الجوية، تهديدات طهران، عملية نطنز، الصراع النووي، الصواريخ الباليستية الإيرانية، الاستخبارات الإسرائيلية، برنامج تخصيب اليورانيوم

سباق الصواريخ والنووي يتصاعد

بينما يدخل التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران أسبوعه الثاني مع تبادل الضربات والتصريحات الحادّة، يجد الشرق الأوسط نفسه أمام معادلة جديدة تتجاوز «الحرب بالوكالة» إلى مواجهة مباشرة، يصفها بعض المراقبين بـ«حرب الظلال التي خرجت إلى الضوء».
في هذا السياق، خرج تساحي هنجبي مستشار الأمن القومي الإسرائيلي بتصريحات لافتة، تؤكد أن إيران ما زالت تحتفظ بآلاف الصواريخ رغم الخسائر الفادحة التي تكبّدتها جرّاء الهجمات الإسرائيلية الأخيرة.


تقدير إسرائيلي: ترسانة كبيرة رغم الضربات

آلاف الصواريخ ما زالت جاهزة

في مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي، قال هنجبي إن طهران تمتلك «آلاف الصواريخ» برغم تدمير ما يقرب من ثلث منصّات الإطلاق. وبحسب تقدير الاستخبارات الإسرائيلية، تقلّص مخزون الصواريخ الباليستية الإيرانية من نحو 3000 صاروخ إلى قرابة 2000 بعد الضربات الأخيرة، لكن العدد المتبقّي ما زال كافيًا لشنّ موجات قصف كثيفة على عمق إسرائيل ومصالحها في المنطقة.

370 صاروخًا في أيام قليلة

أكدت مصادر عسكرية إسرائيلية، عبر القناة 12، أن إيران أطلقت 370 صاروخًا باتجاه إسرائيل منذ لحظة بدء المواجهة المفتوحة. وبرغم إعلان الجيش عن اعتراض النسبة الكبرى بوساطة منظومات «آرو» و«حيتس» و«القبة الحديدية»، فإن قدرة طهران على الاستمرار في الإطلاق بوتيرة عالية مثّلت، وفق تل أبيب، مؤشرًا إلى حجم الترسانة المتبقية.


هجوم نطنز: ضربة “مفصلية” أم بداية المعركة؟

نطنز تحت النار

وصف هنجبي الهجوم على منشأة نطنز – قلب البرنامج النووي الإيراني – بأنّه «فاعل جدًا جدًا»، مؤكدًا تدمير كلٍّ من القسم فوق الأرض والقسم السفلي المحصّن تحتها. وأشار إلى أن الضربة تمت بأسلحة عالية الدقة، عطّلت «أكبر مجمّع لتخصيب اليورانيوم» في إيران.

الرسالة الاستراتيجية

من وجهة النظر الإسرائيلية، استهداف نطنز يحمل بعدين رئيسيين:

  1. ضربة نفسية: إحراج القيادة الإيرانية داخليًا بإظهار وجود ثغرات في الدفاعات وإمكانية وصول الطائرات الإسرائيلية إلى أبعد نقطة.

  2. إبطاء النووي: تقليل قدرة إيران على رفع نسبة التخصيب إلى مستويات عسكرية خلال الأشهر المقبلة، مع خلق نافذة زمنية للمجتمع الدولي للتفاوض بشروط جديدة.

إلا أن خبراء غربيين يشيرون إلى أن إيران شيّدت مواقع بديلة و«عالِقة» تحت الجبال قرب قم وأصفهان، ما يعني أنّ البرنامج النووي قابل للاستئناف، ولو بوتيرة أبطأ.


هل حققت إسرائيل أهداف المرحلة الأولى؟

“الحرب تسير كما خُطّط لها”

أكّد هنجبي أن «المرحلة الأولى من الحرب» حققت أهدافها بدقّة. ويحدد مسؤولون إسرائيليون ثلاثة محاور رئيسية:

  1. تدمير البنية الصاروخية: ضرب مئات الصواريخ الباليستية وعشرات المنصات.

  2. شلّ مراكز القيادة والسيطرة: استهداف مقرات الحرس الثوري وشبكات الاتصالات العسكرية.

  3. ضرب البرنامج النووي: قصف منشآت التخصيب والمختبرات والمستودعات اللوجستية.

إلا أن تل أبيب تقرّ بأن القائمة الكاملة للأهداف «ما زالت طويلة»، خصوصًا في ما يتعلق بالمخازن العميقة للصواريخ الدقيقة ومصانع الوقود النووي البديلة.

تحذير من الانزلاق لحرب طويلة

رغم نبرة الانتصار، يلمّح بعض المسؤولين السابقين في هيئة الأركان إلى أن إيران أثبتت قدرة على امتصاص الضربات واستيعابها قبل الرد. التقدير السائد أن طهران اعتمدت استراتيجية «الرد التدريجي» لتجنّب تصعيدٍ شامل، ولكنها في المقابل تسعى لاستنزاف سلاح الجو الإسرائيلي بإجبار تل أبيب على إبقاء دفاعاتها في حالة تأهب قصوى.


القدرات الإيرانية الصاروخية… ما هو المتبقي؟

نطاقات مختلفة ورؤوس تقليدية وربما أكثر

تمتلك إيران منظومة معقّدة من الصواريخ الباليستية (شهاب، قدر، قيام) بمديات تتراوح بين 300 و2000 كيلومتر، إضافة إلى صواريخ كروز وطائرات مسيّرة انتحارية. وبرغم العقوبات، طورت طهران تقنيات لتقليل المقطع الراداري وزيادة دقة الإصابة. ويخشى الغرب أن بعض هذه الصواريخ قادر على حمل رؤوس غير تقليدية مستقبلًا إذا وصل البرنامج النووي إلى مستوى تصنيع قنابل نووية ميدانية.

منصّات متنقلة وتحت الأرض

يعتمد الحرس الثوري على شبكة منصّات متحركة مخبأة في كهوف وأنفاق جبلية، ما يصعّب اكتشافها وتدميرها من الجو. وتشير صور أقمار صناعية حديثة إلى نشاط لافت حول قواعد في كرمنشاه وهمدان ويزد، ما يعني إمكان نقل الصواريخ احتياطًا وإعادة تموضعها.


ارتدادات الضربات: الداخل الإيراني تحت الضغط

ضبابية إعلامية واحتجاجات متناثرة

شهدت المدن الإيرانية موجة ذعر عقب الضربات؛ أُغلِق بازار طهران الكبير مؤقتًا، وانتشرت طوابير السيارات المغادرة نحو المحافظات الشمالية، فيما أُبلغ عن احتجاجات متفرقة في بعض أحياء أصفهان ومشهد تطالب بتحسين الحماية المدنية.

انكشاف الثغرات الدفاعية

أظهر إسقاط إيران لثماني مسيّرات فقط من عشرات الطائرات المشاركة، وفق رواية إسرائيل، أن منظومات S–300 و«باور 373» المحلية لم توفّر مظلة كاملة، ما يضع القيادة العسكرية تحت المساءلة الداخلية ويحفّز أصواتًا إصلاحية تطالب بإعادة تقييم الأولويات.


خيارات الرد الإيراني: بين الاحتواء والتصعيد

الرد الباليستي مع بقاء خطوط حمراء

إيران أطلقت مئات الصواريخ لكنها تفادت استهداف منشآت حيوية جداً داخل إسرائيل تجنبًا لرد نووي محتمل أو تدخل أميركي مباشر. وتفيد مصادر دبلوماسية بأن طهران أرسلت عبر قنوات خلفية رسالة مفادها أنها «ترد ضمن قواعد اشتباك محددة ولن تتجاوزها ما لم تُهاجَم مواقع سيادية حساسة أخرى».

الحسابات الإقليمية

  • العراق وسوريا: تشير تقارير استخباراتية إلى تحريك ميليشيات موالية لإيران نحو الحدود العراقية – السورية، تحسبًا لفتح جبهة مساندة إذا تحوّل النزاع إلى حرب شاملة.

  • حزب الله: يبقي الحزب على وتيرة نيران منخفضة في الجبهة الشمالية، ريثما تتضح معالم التصعيد، خشية خسائر داخلية كبيرة في لبنان.

  • الخليج: تعلن دول الخليج حالة استعداد عسكري قصوى، مع تنسيق دفاعي أميركي – خليجي لمنع تهديد الملاحة وإمدادات الطاقة.


السيناريوهات المقبلة

  1. تصعيد متدرّج طويل الأمد: استمرار الضربات الجوية المتبادلة بلا اجتياح بري، مع محاولات لكسر الترسانة الصاروخية الإيرانية تدريجيًا.

  2. تجميد مؤقت بوساطة دولية: دخول موسكو وبكين على خط التهدئة، مقابل ضمانات حول البرنامج النووي وتخفيض مستوى التخصيب.

  3. انفجار إقليمي: انزلاق الاشتباك إلى لبنان والعراق وسوريا، ما يؤدي إلى حرب متعددة الجبهات يصعب احتواؤها.


 الشرق الأوسط على فوهة صاروخ

تصريحات هنجبي بأن إيران ما زالت تمتلك «آلاف الصواريخ» تعكس حقيقة أن المعركة أبعد ما تكون عن نهايتها. فبرغم الضربات المؤلمة التي طالت نطنز ومنصات الإطلاق، تبقى طهران قادرة على إيلام إسرائيل والمنطقة بأسرها إذا اختارت التصعيد.

في المقابل، ترى إسرائيل أن السماح لإيران بإعادة بناء ترسانتها أو مواصلة برنامجها النووي يشكل تهديدًا وجوديًا، وأن أي تراجع الآن يعني مواجهة أخطر في المستقبل القريب.

بين معادلة الردع والهجوم، يبقى الملايين في مرمى النيران، فيما يراقب المجتمع الدولي بقلق خوفًا من أن تتحول شرارة الصواريخ إلى حريق إقليمي لا تُعرف عواقبه.

تعليقات