.webp)
نتنياهو: لا وقف للنار في غزة بل ممر آمن لتحرير عيدان ألكسندر
في أحدث تطور يتعلق بالنزاع المستمر في قطاع غزة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يوم الإثنين، أن إسرائيل لا تلتزم بأي هدنة أو اتفاق لوقف إطلاق النار في هذه المرحلة، موضحًا أن قرار التهدئة المؤقتة يرتبط فقط بإطلاق سراح الرهينة الأميركي-الإسرائيلي، عيدان ألكسندر، المحتجز منذ هجوم 7 أكتوبر 2023.
وفي بيان رسمي صادر عن مكتب نتنياهو، أكدت الحكومة الإسرائيلية أن وقف إطلاق النار الحالي لا يتعدى كونه إجراءًا مؤقتًا يهدف إلى تسهيل الإفراج عن الجندي ألكسندر عبر "ممر آمن" يتم توفيره بالتنسيق مع جهات دولية، أبرزها اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
الاستعدادات العسكرية لتأمين عودة ألكسندر
صرّح مسؤول عسكري إسرائيلي أن الجيش الإسرائيلي أنهى استعداداته اللوجستية والعسكرية لاستقبال عيدان ألكسندر، والذي سيتم نقله من قطاع غزة إلى مستوطنة ريعيم الواقعة بالقرب من الحدود الجنوبية للقطاع. وذكر المسؤول أن وحدة خاصة من الجيش ستتولى نقل الرهينة إلى نقطة الاستقبال، حيث سيتم إجراء فحص طبي أولي له قبل نقله جواً إلى مستشفى إسرائيلي.
وبحسب ذات المصدر، فإن الصليب الأحمر الدولي سيتولى عملية التسليم عند نقطة حدودية قرب "غلاف غزة"، في خطوة نادرة تحدث في ظل ظروف النزاع القائمة. ومن المتوقع أن يتم اللقاء الأول بين عيدان وأسرته في موقع الاستقبال، قبل نقله إلى منشأة طبية لإجراء فحوص شاملة.
إعلان حماس وتسلسل الأحداث
أكدت حركة حماس، في بيان لها صدر مساء الأحد، أنها ستفرج عن الجندي الإسرائيلي الأميركي عيدان ألكسندر في بادرة تهدف إلى تسهيل التفاهمات الإنسانية وخلق بيئة مناسبة لوقف إطلاق النار. وأضافت أن هذه الخطوة تأتي عقب مفاوضات مباشرة أجرتها الحركة مع مسؤولين أميركيين في العاصمة القطرية الدوحة.
وأفادت حماس بأن الإفراج عن عيدان يشكل جزءًا من الجهود الأوسع لفتح المعابر الحدودية، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية والإغاثة إلى سكان قطاع غزة، الذين يعانون أوضاعًا إنسانية مأساوية بسبب استمرار العمليات العسكرية والحصار.
موقف نتنياهو الحازم: لا اتفاق مع حماس
![]() |
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو(أرشيفية- فرانس برس) |
رغم هذه التطورات الإيجابية، أصرّ رئيس الوزراء نتنياهو على أن الإفراج عن عيدان لا يغيّر شيئًا في سياسة إسرائيل تجاه حماس. وأكد في بيانه أن حكومته لن تدخل في أي التزامات دائمة بشأن وقف إطلاق النار أو تبادل الأسرى في هذه المرحلة، وأن العملية العسكرية في غزة ستتواصل بمجرد اكتمال عملية تسلُّم الرهينة.
وأضاف البيان أن "المفاوضات لتحرير رهائن آخرين ستبقى مستمرة، بالتوازي مع التحضيرات الجارية لتوسيع العمليات العسكرية داخل قطاع غزة، بهدف تحقيق الأمن القومي الإسرائيلي ومنع تكرار هجمات مشابهة لما حدث في أكتوبر الماضي".
إشادة ترامب ووساطة دولية
من جانبه، أشاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بقرار حماس الإفراج عن عيدان ألكسندر، واعتبره "خبرًا تاريخيًا" من شأنه أن يُشكل نقطة انطلاق جديدة نحو حل الأزمة. وفي منشور على منصته "تروث سوشيال"، قال ترامب:
"أنا ممتن لكل من ساهم في تحقيق هذا النبأ التاريخي... إنها بادرة حسن نية تستحق التقدير".
وتابع ترامب معبرًا عن أمله في أن يكون هذا الحدث بداية سلسلة من الخطوات الإيجابية التي تنتهي بإطلاق سراح بقية الرهائن ووقف الحرب في غزة. كما وجّه الشكر للدول التي ساهمت في الوساطة، وعلى رأسها مصر وقطر، لدورهما الحاسم في تقريب وجهات النظر بين الأطراف.
دور مصر وقطر في الوساطة
أكدت مصادر دبلوماسية في القاهرة والدوحة أن الإفراج عن عيدان ألكسندر تم بعد مشاورات مكثفة استمرت عدة أيام، تخللتها زيارات سرية ولقاءات غير معلنة بين وسطاء من قطر ومصر من جهة، وممثلين عن حماس والولايات المتحدة من جهة أخرى. وتمكنت الأطراف الوسيطة من إيجاد صيغة مشتركة تضمن الإفراج عن الرهينة من دون أن يُنظر إلى الخطوة على أنها تنازل من أي طرف.
وأعلنت مصر وقطر ترحيبهما بالإفراج، مع التأكيد على استعدادهما لمواصلة جهود الوساطة من أجل الوصول إلى اتفاق شامل لوقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح كافة المحتجزين من الطرفين.
استعداد أميركي ميداني
.jpg)
أعلن المبعوث الأميركي الخاص بشؤون الرهائن، آدم بويهلر، عبر حسابه في منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، أنه سيصل إلى إسرائيل بصحبة والدة عيدان لمتابعة تسلمه عن قرب، والتأكد من سلامته. كما أعرب بويهلر عن ثقته في أن هذه العملية قد تشكل نموذجًا يُبنى عليه لتكرار عمليات الإفراج مستقبلاً في إطار تسويات إنسانية أو سياسية.
ردود فعل إسرائيلية داخلية
أثار الإفراج عن عيدان حالة من الترقب داخل الأوساط السياسية والعسكرية الإسرائيلية. فبينما رحبت بعض الأصوات بعودة الجندي، اعتبر آخرون أن الإفراج قد يُستخدم من قبل حماس لتحقيق مكاسب إعلامية ودبلوماسية. وعبّر بعض القادة العسكريين عن قلقهم من أن يكون هذا التطور محاولة لكسب الوقت أو امتصاص الضغوط الدولية دون نية فعلية للوصول إلى تهدئة شاملة.
كما يرى مراقبون أن رفض نتنياهو الاعتراف بأي التزام بوقف إطلاق النار قد يعود إلى ضغوط داخلية تمارسها أطراف في اليمين الإسرائيلي، تدفع نحو استمرار العمليات العسكرية حتى "تحقيق الانتصار الكامل"، بحسب تعبيراتهم.
الوضع الإنساني في غزة لا يزال متدهورًا
في المقابل، تعيش غزة أوضاعًا إنسانية قاسية، حيث تعاني المستشفيات من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، في حين تزداد معاناة السكان بسبب انقطاع الكهرباء والمياه، وارتفاع أعداد النازحين جراء القصف المكثف.
وترى منظمات الإغاثة الدولية أن الإفراج عن عيدان يمثل فرصة لإدخال مساعدات إنسانية عاجلة إلى القطاع، شرط استغلال الممرات الآمنة التي تم إنشاؤها بشكل مؤقت أثناء عملية تسليم الرهينة.
هل تفتح هذه الخطوة باب السلام؟
رغم أن هذه الخطوة لا تعني نهاية الصراع، إلا أنها تُعتبر إنجازًا رمزيًا من الممكن أن يُبنى عليه، إذا ما توفرت الإرادة السياسية لدى الجانبين. فإسرائيل تُطالب بالإفراج الكامل عن جميع الرهائن، في حين ترى حماس أن إنهاء الحرب ورفع الحصار وفتح المعابر هي الشروط الأساسية للدخول في مفاوضات دائمة.
وبين هذه المطالب المتناقضة، تقف الأطراف الوسيطة في موقف صعب، تحاول فيه تحقيق الحد الأدنى من التفاهمات التي تضمن وقف نزيف الدم الفلسطيني من جهة، وتحقيق أمن إسرائيل من جهة أخرى.