وفد من حماس في القاهرة.. وبحث في اتفاق نهائي حول غزة

 

محادثات حماس في القاهرة، صفقة تبادل الأسرى غزة، وقف إطلاق النار في غزة، وفد حماس مصر، الحرب على غزة، مفاوضات غزة القاهرة، انسحاب إسرائيل من غزة، هدنة غزة، الرهائن الإسرائيليون، المجلس القيادي لحماس.

في ظل استمرار الجمود السياسي وتمسك كل من إسرائيل وحركة حماس بمواقفهما بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وصل اليوم السبت وفد قيادي رفيع المستوى من حماس إلى العاصمة المصرية القاهرة لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة ومحاولة التوصل إلى اتفاق شامل.

وترأس الوفد محمد درويش، رئيس المجلس القيادي للحركة، وضم أيضًا كبار قادتها وهم خالد مشعل، خليل الحية، زاهر جبارين، ونزار عوض الله. وقد بدأت اللقاءات مع كبار المسؤولين المصريين فور وصول الوفد، في محاولة لإحراز تقدم ملموس نحو إنهاء الحرب الدائرة منذ أشهر.

أهداف زيارة وفد حماس إلى القاهرة

في بيان رسمي، أوضحت حماس أن وفدها يناقش مع المسؤولين المصريين رؤية الحركة لوقف إطلاق النار بشكل كامل وإنهاء الحرب في غزة، إضافة إلى ترتيب صفقة شاملة لتبادل الأسرى، تتضمن الانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع، وإعادة إعمار ما دمرته العمليات العسكرية.

كما أشار البيان إلى أن الوفد يضع على طاولة النقاش الوضع الإنساني الكارثي الذي يعيشه سكان غزة، بسبب استمرار الحصار ومنع دخول المساعدات، مؤكدًا ضرورة التحرك العاجل لضمان دخول الإمدادات الإنسانية من غذاء ودواء إلى القطاع المنكوب.

القضايا الفلسطينية الداخلية

لم تقتصر المحادثات في القاهرة على قضايا الحرب والأسرى، إذ أفاد بيان حماس بأن وفدها سيناقش أيضًا مع الجانب المصري جهود تشكيل لجنة مجتمعية جديدة لتولي إدارة الشؤون المدنية في قطاع غزة، بعيدًا عن الأطراف المتنازعة، إلى جانب بحث تداعيات القرارات الأخيرة الصادرة عن المجلس المركزي الفلسطيني، وسبل التعامل معها بما يخدم المصلحة الفلسطينية العامة.

تقدم باتجاه اتفاق نهائي

في السياق ذاته، كشفت مصادر مطلعة لقناتي "العربية" و"الحدث" أن المفاوضات الجارية تشهد تقدمًا ملموسًا نحو بلورة اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار، يتضمن أيضًا الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس.

وقالت المصادر إن الجانبين المصري والقطري يبذلان جهودًا مكثفة لضمان التوصل إلى صيغة مقبولة من الطرفين، تضمن هدنة دائمة تمهد الطريق نحو ترتيبات سياسية وأمنية أوسع تشمل جميع أطراف النزاع.

عقبات سابقة: الهدنة المؤقتة ورفض حماس

وكانت حماس قد رفضت في 17 أبريل الجاري عرضًا إسرائيليًا يتضمن هدنة مؤقتة لمدة 45 يومًا مقابل إطلاق سراح عشرة أسرى إسرائيليين أحياء. واعتبرت الحركة أن العرض لا يرقى إلى تلبية طموحاتها، التي تتمثل في اتفاق شامل يؤدي إلى إنهاء الحرب والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من القطاع، إضافة إلى الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.

وفي المقابل، أصرت إسرائيل على استعادة جميع الأسرى الإسرائيليين أحياءً أو أمواتًا، مقابل أي اتفاق للهدنة، مع التشديد على ضرورة نزع سلاح حماس وكافة الفصائل الفلسطينية المسلحة قبل الحديث عن أي انسحاب من غزة أو إنهاء العمليات العسكرية.

مقارنة بالهدنة السابقة

تجدر الإشارة إلى أن هدنة سابقة استمرت بين يناير ومارس من العام الحالي، أسفرت عن إطلاق سراح 33 إسرائيليًا، بينهم ثمانية جثث، مقابل إفراج إسرائيل عن نحو 1800 معتقل فلسطيني.

إلا أن استمرار احتجاز 58 أسيرًا آخرين في غزة، يعتقد أن 34 منهم لقوا حتفهم، وفق تقديرات الجيش الإسرائيلي، يجعل ملف الأسرى من أكثر الملفات حساسية وتعقيدًا في أي مفاوضات بين الطرفين.

الرؤية الفلسطينية المستقبلية لإدارة غزة

من بين النقاط التي يتم بحثها حاليًا أيضًا مسألة إدارة قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب، حيث تسعى مصر والأطراف الإقليمية والدولية إلى التوصل إلى صيغة توافقية تضمن استقرار القطاع وتمنع تكرار سيناريوهات العنف.

وفي هذا الإطار، يتم تداول فكرة تشكيل لجنة إسناد مجتمعية من شخصيات فلسطينية مستقلة تتولى إدارة الحياة المدنية في غزة، مع تقليص دور الفصائل العسكرية في الحياة العامة، وهو ما تسعى حماس لإدارته بشكل يضمن الحفاظ على وحدة الصف الفلسطيني وعدم الانزلاق إلى نزاعات داخلية.

الموقف الدولي والضغط من أجل الحل

على الصعيد الدولي، تواصل الولايات المتحدة ودول أوروبية كبرى الضغط على جميع الأطراف المعنية للإسراع بالتوصل إلى اتفاق، خشية تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة أكثر مما هي عليه حاليًا.

كما جددت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية دعوتها لإدخال المساعدات بشكل فوري ومن دون قيود، محذرة من أن استمرار الحصار وعدم توفير الاحتياجات الأساسية يهدد بوقوع كارثة إنسانية وشيكة.

التحديات أمام التوصل إلى اتفاق

رغم الأجواء الإيجابية التي سادت المحادثات الأخيرة، فإن الطريق نحو اتفاق شامل لا يزال مليئًا بالعقبات، خاصة مع إصرار إسرائيل على نزع سلاح الفصائل الفلسطينية، وهو مطلب ترفضه حماس بشكل قاطع، معتبرة أنه يستهدف تجريد الفلسطينيين من حقهم المشروع في المقاومة والدفاع عن أنفسهم.

كذلك يبقى تحديد الضمانات الدولية وآليات تنفيذ الاتفاق مسألة معقدة، إذ تطالب حماس بضمانات مكتوبة من دول كبرى تلتزم بمتابعة تنفيذ الاتفاق، ومنع أي خروقات إسرائيلية مستقبلية.

السيناريوهات المتوقعة

في حال التوصل إلى اتفاق نهائي خلال الأيام المقبلة، فمن المتوقع أن يشمل وقفًا فوريًا لإطلاق النار، انسحابًا مرحليًا أو كاملًا للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، تنفيذ صفقة شاملة لتبادل الأسرى، تشكيل لجنة محلية لإدارة القطاع بإشراف عربي ودولي، والانطلاق نحو عملية إعادة الإعمار.

أما في حال فشل المفاوضات، فقد تشهد غزة موجة جديدة من التصعيد العسكري، ما سيزيد من معاناة السكان المدنيين ويعقد المشهد السياسي والأمني في المنطقة أكثر.

يبقى الأمل معلقًا على نجاح جهود الوسطاء المصريين والقطريين والدوليين في ردم الهوة بين مواقف إسرائيل وحماس، وصولًا إلى اتفاق ينهي واحدة من أكثر الحروب دموية في قطاع غزة خلال العقدين الماضيين، ويفتح الباب أمام استقرار دائم طال انتظاره للمنطقة بأسرها.


تعليقات