خطة من فتح لإنقاذ غزة.. تعرف على أبرز بنودها

 

غزة، خطة إنقاذ غزة، فتح وحماس، جهود مصر للتهدئة، عودة السلطة الفلسطينية، الحرب على غزة، وقف إطلاق النار، الانقسام الفلسطيني، توحيد الصف الفلسطيني، اتفاق التهدئة في غزة، الوفد الفلسطيني في القاهرة.

في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة بعد انهيار اتفاق التهدئة في مارس الماضي، تتواصل الجهود الإقليمية، لا سيما المصرية، لإعادة إحياء مسار التهدئة وبحث مستقبل القطاع بعد الحرب.

وقد استقبلت العاصمة المصرية، القاهرة، خلال اليومين الماضيين وفدًا رفيع المستوى من حركة "فتح"، قدم ما أُطلق عليه "خطة إنقاذ وطنية" تهدف إلى رسم ملامح مستقبل قطاع غزة وإعادة ترتيبه سياسيًا وإداريًا، مع التأكيد على إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني المستمرة منذ سنوات.

وفد فتح في القاهرة

الوفد الذي ترأسه جبريل الرجوب، وضم كلًا من محمد اشتية وروحي فتوح، عقد سلسلة من اللقاءات المكثفة مع مسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصرية وعدد من الدبلوماسيين المصريين المعنيين بالشأن الفلسطيني. ووفقًا لما أفادت به مصادر مطلعة لقناتي "العربية" و"الحدث"، فإن اللقاءات تناولت بشكل أساسي مقترحًا مفصلاً من حركة فتح حول إدارة المرحلة المقبلة في غزة.

أبرز محاور خطة "الإنقاذ"

تشير المعلومات المسربة إلى أن خطة الوفد الفتحاوي ركزت على عدة نقاط مركزية، من بينها ضرورة إلزام حركة "حماس" ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. كما أكدت الخطة على أن السلطة الفلسطينية هي الجهة الوحيدة المخولة قانونيًا بإدارة القطاع، وهي التي تتمتع بالولاية السياسية والقانونية الكاملة.

وفي هذا السياق، نصّت الخطة كذلك على أهمية الالتزام بالقرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، والابتعاد عن أية تدخلات إقليمية أو دولية من شأنها التأثير سلبًا على القرار الوطني الفلسطيني المستقل.

وإلى جانب ذلك، شددت الخطة على أن إعادة توحيد الصف الفلسطيني، بما في ذلك إنهاء الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة، يُعد خطوة ضرورية تمهد الطريق لعودة السلطة إلى غزة، وتمنع تنفيذ أي سيناريوهات تهجير جماعي قد تُفرض على سكان القطاع، وتحافظ على السيادة الفلسطينية.

تكرار المبادرات المصرية

وتأتي هذه التحركات الفتحاوية في وقت تكثف فيه القاهرة من جهودها الدبلوماسية للتوصل إلى وقف جديد لإطلاق النار بين إسرائيل وحركة "حماس"، بعد فشل محادثات سابقة في مارس الماضي. وتعمل مصر منذ أشهر على بلورة مقترح شامل يتضمن ترتيبات لليوم التالي للحرب في غزة، بما في ذلك إدارة القطاع، وإعادة الإعمار، وضمان عودة الحياة تدريجيًا إلى طبيعتها، ضمن إطار سياسي شامل.

وكانت القاهرة قد طرحت خلال الأشهر الماضية عدة أفكار من بينها تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية، تتولى إدارة الشؤون المدنية والأمنية في غزة، تحت إشراف دولي، لحين إجراء انتخابات شاملة تعيد تجديد الشرعيات الفلسطينية.

التصعيد العسكري مستمر

ورغم هذه المساعي السياسية، تواصل القوات الإسرائيلية عملياتها العسكرية المكثفة في القطاع، معززة من وجودها البري في محاور عدة تشمل شمال وشرق وجنوب غزة، وسط استمرار القصف الجوي والمدفعي العنيف، وارتفاع أعداد الضحايا المدنيين بشكل يومي.

وقد أعلنت تل أبيب مؤخرًا سيطرتها الكاملة على ما يُعرف بـ"ممرات عسكرية" تقطع أوصال القطاع إلى أجزاء منفصلة، وذلك ضمن ما أسمته "استراتيجية الضغط المتدرج" على حركة حماس، لدفعها إلى القبول بشروط تبادل الأسرى والتهدئة.

تحديات أمام تطبيق الخطة

في المقابل، تبرز تحديات كبيرة أمام تطبيق الخطة الفتحاوية، أبرزها غياب موقف موحد داخل الساحة الفلسطينية، واستمرار الخلافات العميقة بين حركتي "فتح" و"حماس"، فضلًا عن التغيرات الميدانية المتسارعة التي تفرضها الحرب على الأرض، والتي قد تؤثر على شكل التسوية المحتملة.

وبينما تؤكد السلطة الفلسطينية أنها مستعدة لتحمل مسؤولياتها كاملة في قطاع غزة، إلا أن حماس لا تزال ترفض تسليم السلطة دون ضمانات تتعلق بمستقبل سلاح المقاومة، وهو ما يمثل أحد أبرز نقاط الخلاف العالقة بين الطرفين.

الموقف الإقليمي والدولي

على المستوى الإقليمي، تواصل الدول العربية، وفي مقدمتها مصر وقطر، جهودها لرأب الصدع الفلسطيني الداخلي، مع تحركات من أطراف دولية أبرزها الولايات المتحدة والأمم المتحدة لدفع عجلة الحل السياسي.

وتسعى القاهرة إلى الحفاظ على دورها المحوري في الملف الفلسطيني، خاصة وأنها الجار المباشر للقطاع، وصاحبة التأثير التاريخي في الحركات الفلسطينية. كما تُعد مصر أحد الضامنين لأي اتفاق مستقبلي للتهدئة أو إعادة الإعمار في غزة.

أما من ناحية المجتمع الدولي، فثمة إدراك متزايد أن أي جهود لإنهاء الحرب في غزة لن تكون ذات جدوى دون حل سياسي شامل يعالج جذور الانقسام الفلسطيني، ويوفر أرضية لحل الدولتين على أساس الشرعية الدولية.

مستقبل غزة في الميزان

وفي ضوء ما تقدم، تظل غزة بين خيارين: استمرار الحرب والتدمير والتهجير، أو التوصل إلى تسوية سياسية تعيد توحيد الصف الفلسطيني، وتسمح بإعادة الإعمار وعودة الحياة إلى سكان القطاع الذين أنهكتهم سنوات من الحصار والصراعات.

ولعل الخطة الفتحاوية التي طُرحت في القاهرة تُعد محاولة جادة نحو فتح باب النقاش حول مرحلة ما بعد الحرب، لكن نجاحها يبقى رهنًا بتوفر إرادة سياسية حقيقية لدى مختلف الأطراف الفلسطينية، إضافة إلى الدعم الإقليمي والدولي المطلوب.

تعليقات