في خطوة مفاجئة داخل أروقة التحكيم الأوروبي، أُعلن غياب الحكم البولندي توماش كوياتكوفسكي، المتخصص في تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR)، عن طاقم التحكيم الذي سيقود مباراة توتنهام الإنجليزي وأينتراخت فرانكفورت الألماني ضمن منافسات الدوري الأوروبي. ويأتي هذا الغياب بعد سلسلة من القرارات المثيرة للجدل التي كان لكوياتكوفسكي دور بارز فيها، كان آخرها إلغاء ركلة جزاء مثيرة للجدل ضد أتلتيكو مدريد في مواجهة ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا.
وقد أشارت تقارير إعلامية، أبرزها صحيفة "آس" الإسبانية، إلى أن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) قرر استبعاد كوياتكوفسكي من العمل مع طاقم مواطنه سيمون مارسينياك، الحكم الشهير الذي اعتاد الاستعانة به في مباريات كبرى، في سابقة تُعد الأولى منذ مونديال قطر 2022، حيث شكل الثنائي طاقمًا تحكيميًا متجانسًا في عدة مواجهات حاسمة.
🎥 خلفية القرار: جدل "الفار" في ديربي مدريد
كانت شرارة الاستبعاد قد انطلقت من المواجهة الملتهبة التي جمعت ريال مدريد بجاره أتلتيكو في إياب دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا. ففي تلك المباراة، تدخل كوياتكوفسكي لإلغاء ركلة جزاء لصالح مهاجم ريال مدريد، الأرجنتيني جوليان ألفاريز، وذلك بعدما اعتبر أن اللاعب لمس الكرة مرتين أثناء تنفيذ الركلة، في مخالفة نادرة لكنها موضع جدل تحكيمي واسع.
وقد أشعل هذا القرار مواقع التواصل الاجتماعي وأوساط التحليل التحكيمي، حيث انقسمت الآراء بين من اعتبر القرار صحيحًا من الناحية القانونية، ومن رأى فيه تشددًا غير مبرر أثّر على سير المباراة ونتيجتها، التي انتهت بتأهل أتلتيكو مدريد على حساب غريمه التقليدي.
👥 مارسينياك بدون رفيق دربه لأول مرة منذ كأس العالم
يُعرف الحكم البولندي سيمون مارسينياك بكونه من أفضل الحكام في العالم حاليًا، وقد نال إشادة كبيرة منذ ظهوره اللافت في مونديال قطر 2022، حيث أدار مباريات هامة أبرزها نهائي كأس العالم بين الأرجنتين وفرنسا. ومنذ تلك البطولة، اعتمد مارسينياك بشكل كبير على كوياتكوفسكي كحكم "فار" في معظم مبارياته الدولية.
لكن للمرة الأولى منذ ذلك الحين، سيغيب كوياتكوفسكي عن طاقم مارسينياك، حيث سيحل مكانه الحكم الإسباني أليخاندرو هرنانديز في غرفة تقنية الفيديو خلال مباراة توتنهام وأينتراخت، وهو ما يُنظر إليه على أنه "إجراء تأديبي غير معلن" من قبل الاتحاد الأوروبي، رغم أن يويفا لم يصدر بيانًا رسميًا يوضح أسباب هذا التغيير.
🛑 سلسلة من القرارات المثيرة للجدل
ليست هذه المرة الأولى التي يثير فيها كوياتكوفسكي الجدل بسبب قراراته في غرفة "الفار". ففي عام 2023، وتحديدًا في مباراة جمعت بين نيوكاسل يونايتد الإنجليزي وباريس سان جيرمان الفرنسي ضمن دوري أبطال أوروبا، منح "الفار" ركلة جزاء في الدقيقة 98 لصالح سان جيرمان بعد لمسة يد مشكوك في صحتها، نفذها كيليان مبابي بنجاح ليمنح فريقه نقطة التعادل.
وقد تعرض كوياتكوفسكي حينها لهجوم إعلامي وجماهيري واسع، وجرى إيقافه مؤقتًا عن إدارة المباريات من قبل يويفا. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ عاد الجدل مجددًا خلال مباراة ريال سوسييداد الإسباني وسالزبورغ النمساوي، حيث تكررت الأخطاء التحكيمية، ما زاد من الضغوط على يويفا لاتخاذ إجراءات تحفظ نزاهة التحكيم.
🛡️ دفاع اليويفا العلني عن الحكام
ورغم هذه الأخطاء المتكررة، أصدر الاتحاد الأوروبي بيانًا رسميًا عقب مباراة ريال مدريد وأتلتيكو، أعرب فيه عن دعمه الكامل لحكامه، بمن فيهم كوياتكوفسكي ومارسينياك، مشيرًا إلى أن القرارات المتخذة كانت ضمن الإطار القانوني لقواعد اللعبة، وأن الثقة بالحكام لا تزال قائمة.
لكن يبدو أن هذا الدعم لم يكن كافيًا لتهدئة موجة الانتقادات المتصاعدة، سواء من الإعلام أو من أندية المتضررين من قرارات الفار، ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوات غير معلنة لإعادة توزيع طواقم التحكيم بطريقة تقلل من حدة التوتر وتُظهر تغييرًا ملموسًا في معالجة الأمور.
🔄 هل هو استبعاد دائم أم قرار مؤقت؟
السؤال الأهم الذي يطرحه متابعو الشأن الرياضي والتحكيمي الآن: هل يمثل استبعاد كوياتكوفسكي من طاقم مارسينياك نهاية شراكتهم الطويلة؟ أم أن القرار مجرد إجراء احترازي مؤقت لحين تهدئة الأجواء؟ ولم يصدر عن يويفا أي توضيح بشأن مستقبل كوياتكوفسكي أو ما إذا كان سيشارك في مباريات أخرى قريبًا.
وفي ظل حساسية المرحلة التي تعيشها البطولات الأوروبية، خاصة مع اقتراب الأدوار النهائية من الدوريين الأوروبي ودوري الأبطال، فإن إدارة التحكيم في الاتحاد الأوروبي تجد نفسها مضطرة لتقديم صورة انضباطية في القرارات، لا سيما أن "الفار" أصبح موضع اتهام متكرر في كثير من البطولات.
🔍 دور "الفار" بين النزاهة والجدل
منذ تطبيق تقنية حكم الفيديو المساعد، شهدت كرة القدم تحولات كبيرة على مستوى إدارة المباريات، لكن في المقابل، لم تخلُ التقنية من الجدل، خاصة عندما تتداخل القوانين الدقيقة مع التقديرات البشرية، ويبدو أن توماش كوياتكوفسكي أصبح رمزًا لهذا الجدل المتكرر.
وتُظهر هذه الواقعة مدى أهمية تنسيق العمل بين الحكم الرئيسي وحكم الفيديو، ومدى تأثير أي قرار صادر عن "الفار" على مسار المباريات ومستقبل الأندية في البطولات الكبرى.
⚽ هل تتأثر قرارات مارسينياك بدون كوياتكوفسكي؟
يرى بعض المحللين أن غياب كوياتكوفسكي قد يؤثر على أداء مارسينياك، نظرًا للتفاهم الكبير الذي كان بينهما، وهو ما أظهرته مباريات عديدة خلال العامين الماضيين، بما في ذلك نهائي كأس العالم ومباريات دوري الأبطال.
لكن في المقابل، فإن الاستعانة بالحكم الإسباني أليخاندرو هرنانديز، الذي يتمتع بخبرة كبيرة أيضًا، قد يُعيد التوازن ويوفر لمارسينياك الدعم الكافي في غرفة الفار، خاصة في مباريات حساسة مثل التي تجمع توتنهام بفرانكفورت.
📝 في الختام
يمثل غياب توماش كوياتكوفسكي عن طاقم سيمون مارسينياك إشارة واضحة إلى أن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بدأ يأخذ انتقادات التحكيم على محمل الجد، وأنه مستعد لإجراء تغييرات تكتيكية خلف الكواليس دون إثارة ضجيج إعلامي.
وبينما تستمر النقاشات حول دور الفار في حماية العدالة داخل الملاعب، يبقى التحدي الحقيقي هو الحفاظ على نزاهة التحكيم وثقة الجماهير في قرارات الحكام، دون أن تتحول التكنولوجيا إلى عبء إضافي على كاهل اللعبة الأكثر شعبية في العالم.