516 مصاباً و4 قتلى.. في انفجار ضخم جنوب إيران

 

انفجار ميناء رجائي، انفجار بندر عباس، المحادثات النووية، إيران والولايات المتحدة، ميناء رجائي، مضيق هرمز، حاويات الكبريت، أضرار ميناء رجائي، ميناء بندر عباس، إصابات انفجار إيران.

بالتزامن مع انطلاق المحادثات النووية الحساسة بين إيران والولايات المتحدة في العاصمة العُمانية مسقط، شهدت إيران حدثاً أمنياً خطيراً هز منطقة استراتيجية في جنوب البلاد، حيث وقع انفجار ضخم في ميناء رجائي بمدينة بندر عباس المطلة على مضيق هرمز الحيوي.

الانفجار، الذي دوّى صداه في المدن المجاورة، أدى إلى أضرار جسيمة في الموقع، وأثار حالة من الهلع بين السكان المحليين والسلطات على حد سواء. ووفقاً للتقارير الأولية، أسفر الحادث عن إصابة أكثر من 516 شخصاً ومقتل 4 آخرين على الأقل، بحسب ما صرّح به متحدث رسمي باسم أجهزة الطوارئ الإيرانية.

تفاصيل متضاربة حول موقع وأسباب الانفجار

وفيما لا تزال التحقيقات جارية لمعرفة الملابسات الدقيقة، تضاربت الروايات الرسمية حول السبب الحقيقي وراء الانفجار. فقد أعلن مسؤول محلي معني بإدارة الأزمات، عبر التلفزيون الرسمي الإيراني، أن الحادث نجم عن انفجار عدة حاويات كانت مخزنة في رصيف ميناء رجائي.

وأضاف المسؤول أن الجهود مستمرة لإجلاء المصابين ونقلهم إلى المستشفيات والمراكز الطبية في مدينة بندر عباس، مشيراً إلى أن فرق الطوارئ والإنقاذ هرعت فوراً إلى الموقع في محاولة للسيطرة على الأضرار ومنع تفاقم الوضع.

في المقابل، أشارت وكالة "فارس" الإيرانية إلى أن الانفجار وقع داخل ساحة تخزين مادة الكبريت، وهي مادة قابلة للاشتعال وتسبب انفجارات هائلة في حال عدم تخزينها بطريقة آمنة. في حين تناقلت مصادر محلية أخرى روايات متباينة، رجّحت أن الحادث نجم عن انفجار حاويات تحتوي على وقود أو مادة الأمونياك، مما زاد من الغموض حول طبيعة المواد المتسببة في الانفجار.

تأثير الانفجار على الميناء والمنشآت الحيوية

رغم هول الانفجار، أكدت شركة النفط الوطنية الإيرانية أن كافة المنشآت النفطية والبتروكيميائية القريبة من موقع الحادث تعمل بشكل طبيعي ولم تتعرض لأي أضرار كبيرة. وقد كان هذا الإعلان محاولة لطمأنة الأسواق الإقليمية والعالمية، خاصة أن مضيق هرمز الذي يمر عبره حوالي 20% من النفط العالمي يُعد شرياناً اقتصادياً بالغ الأهمية.

وتبلغ مساحة ميناء رجائي حوالي 2400 هكتار، ويُعتبر واحداً من أهم الموانئ الإيرانية، إذ يدير أكثر من 85% من عمليات الشحن والتفريغ في البلاد. ويتضمن الميناء 23 رصيفاً بحرياً بعمق يصل إلى 15 متراً، مما يجعله قادراً على استقبال السفن العملاقة. كما يتمتع بطاقة استيعابية تقدر بنحو 70 مليون طن من البضائع سنويًا، مما يبرز أهمية هذا الميناء للاقتصاد الإيراني ولحركة الملاحة البحرية في المنطقة.

تداعيات الانفجار على المحادثات النووية

يأتي هذا الحادث في وقت بالغ الحساسية بالنسبة لطهران، حيث تستأنف المحادثات النووية مع واشنطن بهدف إنقاذ الاتفاق النووي الذي وقع عام 2015 وأُجهض بعد انسحاب الولايات المتحدة منه عام 2018. ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كان لهذا الانفجار أي تأثير مباشر أو غير مباشر على مسار تلك المحادثات.

ويرى مراقبون أن توقيت الحادث قد يثير تساؤلات حول وجود عمليات تخريبية محتملة تهدف إلى تقويض استقرار إيران الداخلي أو الضغط عليها خلال المفاوضات، فيما رجح آخرون أن الحادث قد يكون مجرد نتيجة لسوء التخزين والإجراءات الأمنية غير الكافية في إدارة المواد الخطرة داخل الميناء.

ارتجاج الأرض وشهادات شهود العيان

وبحسب ما نقلته وسائل الإعلام المحلية، فإن شدة الانفجار كانت بالغة بحيث شعر بها سكان المناطق المجاورة، حيث سجلت الأجهزة الجيولوجية المحلية ارتجاجات أرضية طفيفة لحظة وقوع الحادث. وقال شهود عيان إنهم شعروا وكأن الأرض اهتزت تحت أقدامهم، تزامناً مع تصاعد أعمدة الدخان الأسود الكثيف في السماء، مما أثار حالة من الذعر الكبير.

كما أظهرت مقاطع فيديو وصور تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد للدمار الواسع الذي لحق بالحاويات والمرافق المحيطة بمكان الانفجار، مع تصاعد ألسنة اللهب لساعات طويلة قبل أن تتمكن فرق الإطفاء من السيطرة عليها.

استجابة الطوارئ وعمليات الإنقاذ

من جانبها، أرسلت السلطات الإيرانية العشرات من سيارات الإسعاف ووحدات الدفاع المدني إلى الموقع فور الإبلاغ عن الانفجار. وتم نشر فرق متخصصة في التعامل مع المواد الخطرة خشية وقوع انفجارات إضافية بسبب تسرّب مواد قابلة للاشتعال أو مواد كيميائية سامة.

وأكدت وزارة الصحة الإيرانية أن المستشفيات في مدينة بندر عباس وضواحيها استُنفرت بالكامل لاستقبال المصابين، حيث تم تخصيص أجنحة خاصة لعلاج حالات الحروق والاختناق الناتجة عن الحادث.

تحذيرات من وقوع كوارث بيئية

وأثار وقوع الانفجار في منطقة صناعية قريبة من الساحل تحذيرات من احتمالية تلوث بيئي خطير، خاصة إذا كانت المواد المتسربة تشمل مواد كيماوية خطرة مثل الكبريت أو الأمونياك، التي قد تؤدي إلى تلوث المياه الجوفية ومياه البحر القريبة.

ودعت منظمات بيئية محلية إلى إجراء تحقيق شامل ومستقل لتقييم حجم الأضرار البيئية الناتجة عن الانفجار، وتحديد الإجراءات اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلاً.

السياق الجيوسياسي وتأثيراته

تجدر الإشارة إلى أن موقع ميناء رجائي الاستراتيجي على الشواطئ الشمالية لمضيق هرمز يجعله هدفاً بالغ الحساسية، سواء للأحداث الطبيعية أو للأعمال التخريبية. وقد شهدت المنطقة خلال السنوات الماضية حوادث مشابهة، من بينها هجمات على ناقلات نفط ومحاولات تخريب للبنية التحتية الحيوية.

ويرى خبراء أن أي تهديد لموانئ إيران الكبرى يهدد بشكل مباشر أمن الطاقة العالمي، ويؤثر على استقرار حركة الملاحة البحرية، مما يعزز أهمية تأمين هذه المواقع وتطوير خطط الطوارئ للتعامل مع أي طارئ محتمل.

يبقى الانفجار الذي هز ميناء رجائي تطوراً خطيراً ومثيراً للقلق في ظل الظروف السياسية والأمنية الحساسة التي تمر بها إيران حالياً. ومع تضارب الأنباء حول الأسباب الحقيقية للحادث، تتجه الأنظار إلى نتائج التحقيقات الرسمية التي قد تلقي الضوء على ملابساته، وعلى مدى تأثيره على مستقبل المحادثات النووية والأمن البحري في المنطقة برمتها.

تعليقات