3 ممرات في غزة.. إسرائيل تنشر فيديو من "محور موراغ"

 الجيش الإسرائيلي يوسع هجومه جنوب قطاع غزة عبر "محور موراغ" ويضغط على حماس

الجيش الإسرائيلي، محور موراغ، غزة اليوم، رفح، خان يونس، ممرات غزة، نتنياهو، حماس، الأسرى الإسرائيليين، العملية العسكرية الإسرائيلية، قطاع غزة الآن، تقسيم غزة، ممرات إسرائيل في غزة

في تصعيد عسكري جديد، كشف الجيش الإسرائيلي عن تفاصيل عمليته البرية في قطاع غزة، وتحديداً في المنطقة الواقعة بين مدينتي رفح وخان يونس جنوب القطاع. أطلقت إسرائيل على هذا التوسع اسم "محور موراغ"، في إشارة إلى ممر استراتيجي تسعى من خلاله إلى تشديد قبضتها على جنوب غزة، وعزل رفح عن باقي أجزاء القطاع، ضمن خطة تهدف إلى تقسيمه وزيادة الضغط على حركة حماس.

أولى المشاهد الميدانية من محور موراغ

نشر الجيش الإسرائيلي مقطع فيديو يوثق لحظات من العملية البرية التي تنفذها قوات "الفرقة 36" في ما يسمى "محور موراغ"، وهو ممر بري مستحدث بين رفح وخان يونس. وذكر في بيانه أن الفرقة عادت للعمل في قطاع غزة، وبدأت أنشطتها في هذا المحور الجديد، الذي يشكل حلقة مهمة ضمن خريطة السيطرة الإسرائيلية على القطاع، والتي تسعى من خلالها إلى قطع التواصل الجغرافي بين مناطق غزة.

وأكد الجيش أن الهدف من هذه العمليات الجديدة هو "الكشف عن وتدمير البنية التحتية المتبقية لحركة حماس" في المنطقة، موضحاً أن هناك تحركات موازية في مناطق أخرى داخل غزة وخارجها.

الأهداف العسكرية والسياسية للممر الجديد

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يُخفِ نية حكومته من وراء إنشاء الممر، حيث صرّح قبل أيام بأن الهدف هو "الضغط على حماس لتسليم الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة"، كما أنه جزء من خطة تهدف إلى "تجزئة القطاع" لتسهيل السيطرة عليه ميدانياً. ولفت نتنياهو إلى أن الممر سيؤدي إلى عزل مدينة رفح تماماً عن بقية مناطق غزة، وهو ما يراه مراقبون محاولة واضحة لتقسيم القطاع إلى ثلاث مناطق منفصلة جغرافياً.

أين يقع محور موراغ؟

بحسب خرائط نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية، فإن الممر الجديد يمتد من الشرق إلى الغرب، عابراً وسط القطاع بين رفح وخان يونس. وهو ممر يقع في نفس الموقع الذي كانت فيه مستوطنة "موراغ" قبل انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005، ومن هنا استمد الممر اسمه. وتنتشر قوات الفرقة 36 الإسرائيلية على طول هذا المحور، دون الكشف عن أعدادها أو المعدات المشاركة في العملية.

التشابه مع ممرات أخرى: فيلادلفي ونتساريم

ليست هذه المرة الأولى التي تعتمد فيها إسرائيل على استراتيجيات "الممرات الأمنية" في غزة. فهي تسيطر منذ مايو 2024 على "ممر فيلادلفي"، المعروف أيضاً باسم "محور صلاح الدين"، وهو الشريط الحدودي بين غزة ومصر جنوباً. وقد أثار هذا التواجد العسكري الكثير من الانتقادات، خاصة من الجانب المصري الذي طالب مراراً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أن هناك "ممر نتساريم"، وهو ممر آخر يفصل شمال القطاع، بما في ذلك مدينة غزة، عن المناطق الوسطى والجنوبية. ووفقاً للتقارير، يسمح الجيش الإسرائيلي فقط بمرور العربات التي تجرها الحيوانات عبر طريق الرشيد، مما يعكس حجم التضييق الميداني المفروض على السكان.

وبذلك، تسعى إسرائيل إلى فرض ثلاث مناطق منفصلة في غزة: شمالية، ووسطى، وجنوبية، عبر السيطرة على هذه الممرات.

الضغط على حماس لتسليم الأسرى

نتنياهو أكد مراراً أن هذا الضغط الميداني المتواصل يهدف إلى إرغام حماس على القبول بصفقة تبادل أسرى. وتحتجز الحركة عدداً من الجنود والمواطنين الإسرائيليين، منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، بعد الهجوم الذي نفذته الحركة على مستوطنات غلاف غزة.

وقد فشلت حتى الآن جميع الوساطات الدولية والإقليمية في إبرام صفقة تبادل، في ظل تمسك كل طرف بشروطه، بينما يزداد الوضع الإنساني سوءاً داخل القطاع، مما يزيد من الضغوط على الأطراف المعنية.

الانعكاسات الإنسانية والقلق الدولي

الممرات التي أنشأتها إسرائيل والعمليات العسكرية المكثفة أدت إلى نزوح عشرات الآلاف من الفلسطينيين من رفح وخان يونس باتجاه المناطق الأقل تضرراً في وسط القطاع، وسط نقص شديد في المواد الغذائية والطبية، وانهيار شبه كامل للخدمات الأساسية. وقد حذرت منظمات إنسانية من كارثة إنسانية وشيكة، في حال استمر الحصار والعمليات العسكرية على هذا النحو.

من جانبها، لم تُخفِ الأمم المتحدة قلقها من تبعات هذه الخطط، لا سيما أنها تؤدي إلى مزيد من التقسيم والمعاناة، في وقتٍ تحتاج فيه غزة إلى تدفق متواصل للمساعدات وليس إلى مزيد من العزل.

رؤية استراتيجية أم خطوة تصعيدية؟

يرى محللون عسكريون أن خطة "محور موراغ" تمثل تطوراً استراتيجياً في تكتيك الجيش الإسرائيلي، حيث يهدف إلى فرض سيطرة جغرافية على الأرض، وإنهاء وجود البنية التحتية العسكرية لحماس في المنطقة الجنوبية. غير أن هذه الخطوة تنذر بمزيد من التصعيد، خاصة إذا تسببت في موجة نزوح جديدة أو تقويض المساعي الدولية لتحقيق وقف إطلاق النار.

رسائل سياسية من نتنياهو

نتنياهو، الذي يواجه ضغوطاً داخلية وخارجية، يسعى من خلال هذه الخطوة إلى إظهار "الحسم العسكري" قبيل أي اتفاق سياسي قد يُفرض لاحقاً. ويرى مراقبون أن تصريحات نتنياهو حول الممرات ومصير الأسرى تعكس رغبة في إطالة أمد الحرب، ريثما يحقق الجيش مكاسب ميدانية تترجم إلى أوراق تفاوضية قوية.

هل تنجح خطة تجزئة غزة؟

في ظل تعقيد الوضع الميداني، يظل السؤال مطروحاً: هل ستنجح إسرائيل في فرض تجزئة جغرافية دائمة على قطاع غزة عبر هذه الممرات؟ أم أن المجتمع الدولي سيضغط لوقف هذه الخطة التي تحمل في طياتها مخاطر كبيرة على مستقبل الاستقرار في المنطقة؟

الجواب سيتضح في الأسابيع المقبلة، لكن المؤكد أن سكان غزة وحدهم يدفعون الثمن الأكبر من هذه المعركة التي يبدو أنها ما تزال بعيدة عن نهايتها.


تعليقات