بايدن: الخيار العسكري ضد إيران سيكون "مريعًا جدًا لهم"
.webp)
في ظل التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة وإيران، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن أن الخيار العسكري سيكون "مريعًا جدًا" لإيران في حال اضطرت واشنطن لاستخدامه. تأتي هذه التصريحات بعد سلسلة من التوترات المتزايدة حول البرنامج النووي الإيراني، والخلافات الدبلوماسية بين البلدين، ما يثير التساؤلات حول مستقبل العلاقات بينهما وإمكانية التوصل إلى حل سياسي يجنب المنطقة المزيد من التصعيد.
محاولات دبلوماسية ومفاوضات متعثرة
تحدث الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عن رغبته في التفاوض مع إيران بخصوص برنامجها النووي، مشيرًا إلى أنه أرسل خطابًا إلى القيادة الإيرانية يعبر فيه عن أمله في إمكانية إجراء محادثات بناءة. وقال ترامب خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة "فوكس بيزنس" إن "الاتفاق سيكون الخيار الأفضل لإيران"، موضحًا أنه يفضل التفاوض على العمل العسكري.
وأضاف ترامب: "هناك طريقتان للتعامل مع إيران: عسكريًا أو عبر إبرام اتفاق، وأنا أُفضل الاتفاق لأنني لا أسعى لإيذاء إيران. إنهم شعب رائع". لكنه حذر في الوقت ذاته من أن اللجوء إلى الخيار العسكري سيكون له تبعات وخيمة على طهران.
رسالة إلى القيادة الإيرانية
يبدو أن الرسالة التي أرسلها ترامب كانت موجهة مباشرة إلى المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، في محاولة لفتح قنوات تواصل مباشرة بين الجانبين. إلا أن الموقف الإيراني بقي متصلبًا، إذ رفضت طهران التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة، مشددة على أن أي محادثات يجب أن تتم وفق شروطها الخاصة.
الموقف الروسي من الملف النووي الإيراني
في سياق متصل، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن نائب وزير الخارجية، سيرغي ريابكوف، ناقش مع السفير الإيراني في موسكو، كاظم جلالي، الجهود الدولية الرامية إلى حل الوضع المرتبط بالبرنامج النووي الإيراني. وشددت الخارجية الروسية على أن الاجتماع الذي عُقد بين الطرفين يأتي في إطار الجهود الدبلوماسية الرامية إلى منع التصعيد في المنطقة.
تاريخ الاتفاق النووي والتوترات الأميركية الإيرانية
في عام 2015، توصلت إيران إلى اتفاق نووي مع القوى الكبرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، خلال فترة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما. وقد أتاح هذا الاتفاق رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران مقابل التزامها بالحد من أنشطتها النووية والتأكد من سلمية برنامجها عبر عمليات تفتيش دولية.
لكن مع وصول ترامب إلى السلطة في عام 2018، انسحبت واشنطن من الاتفاق النووي بشكل أحادي، معتبرة أن الاتفاق لم يكن كافيًا لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية. أعادت الإدارة الأميركية فرض عقوبات صارمة على طهران، وهو ما أدى إلى تصعيد التوترات بين الجانبين. وردت إيران بالتراجع عن العديد من التزاماتها الأساسية بموجب الاتفاق، مما زاد من تعقيد الملف النووي.
زيادة تخصيب اليورانيوم.. خطوة خطيرة
بحسب تقرير أصدرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية أواخر فبراير، فقد زادت إيران بشكل "مقلق للغاية" من مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60%، وهي نسبة قريبة جدًا من مستوى التخصيب اللازم لتطوير سلاح نووي.
وتصر إيران على أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية فقط، وأنها لا تسعى إلى امتلاك أسلحة نووية، إلا أن هذه التطورات تثير مخاوف القوى الغربية، التي ترى أن إيران قد تصبح قادرة على إنتاج قنبلة نووية في وقت قصير.
عودة سياسة "الضغوط القصوى"
مع عودته إلى البيت الأبيض لولاية ثانية، أكد ترامب أنه سيعيد العمل بسياسة "الضغوط القصوى" ضد إيران، والتي تم تطبيقها خلال ولايته الأولى، مشيرًا إلى ضرورة التوصل إلى "اتفاق نووي سلمي خاضع للتدقيق الصارم".
من جهته، استبعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في تصريحات سابقة إمكانية إجراء مفاوضات مباشرة مع واشنطن، ما يعكس استمرار تعنت الموقف الإيراني رغم الضغوط الدولية.
التوترات العسكرية بين إيران والولايات المتحدة
لم تقتصر المواجهة بين الطرفين على الجانب الدبلوماسي فقط، بل تصاعدت التوترات إلى مواجهات عسكرية متفرقة، شملت هجمات على منشآت نفطية وسفن في الخليج العربي، بالإضافة إلى استهداف قواعد عسكرية أميركية في العراق وسوريا من قبل ميليشيات مدعومة من إيران.
وتزايدت المخاوف من أن يؤدي أي تصعيد عسكري إلى مواجهة مباشرة بين البلدين، خصوصًا في ظل التهديدات المتبادلة بين طهران وواشنطن.
المجتمع الدولي ومساعي التهدئة
تحاول الدول الأوروبية، إلى جانب روسيا والصين، لعب دور الوسيط بين الولايات المتحدة وإيران، للحيلولة دون انهيار الاتفاق النووي بشكل نهائي. وتسعى القوى الدولية إلى إعادة طهران وواشنطن إلى طاولة المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق جديد يُلزم إيران بتقديم تنازلات أكبر بشأن برنامجها النووي مقابل رفع بعض العقوبات الاقتصادية.
مستقبل العلاقات الأميركية الإيرانية
يبقى مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران غير واضح، في ظل استمرار التصعيد السياسي والعسكري بين الطرفين. ويبدو أن إدارة بايدن تتبع نهجًا متوازنًا بين التهديد باستخدام القوة العسكرية والتشديد على أهمية التوصل إلى اتفاق دبلوماسي.
لكن في حال فشلت المساعي الدبلوماسية، فقد تجد الولايات المتحدة نفسها مضطرة إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد إيران، وهو ما قد يؤدي إلى تأجيج الصراع في الشرق الأوسط.
في ظل الأوضاع الراهنة، يظل الخيار العسكري مطروحًا على الطاولة، لكنه سيكون "مريعًا جدًا" لإيران بحسب تصريحات بايدن. ومع استمرار العقوبات والضغوط الدولية، فإن طهران تواجه تحديات متزايدة قد تدفعها في نهاية المطاف إلى إعادة النظر في موقفها والجلوس إلى طاولة المفاوضات، لكن يبقى السؤال: هل ستقبل إيران بتقديم تنازلات أم ستستمر في التصعيد والمواجهة؟