بعد تراشق كلامي.. تركيا تستدعي القائم بالأعمال الإيراني

 

تركيا وإيران، التوتر بين تركيا وإيران، استدعاء السفراء، السياسة الخارجية التركية، السياسة الإيرانية في الشرق الأوسط، النفوذ الإيراني في العراق وسوريا، العلاقات التركية الإيرانية، هاكان فيدان، إسماعيل بقائي، التنافس الإقليمي في الشرق الأوسط.

تصاعد التوتر الدبلوماسي بين تركيا وإيران خلال الأيام الأخيرة بعد تبادل الانتقادات العلنية بشأن سياسات كل منهما في الشرق الأوسط. هذا التوتر بلغ ذروته عندما استدعت أنقرة القائم بالأعمال الإيراني، بعد يوم واحد فقط من استدعاء طهران السفير التركي لديها، مما يعكس أزمة دبلوماسية قد تتفاقم في الفترة المقبلة.

تركيا تستدعي القائم بالأعمال الإيراني

أعلنت وزارة الخارجية التركية، اليوم الثلاثاء، استدعاء القائم بالأعمال الإيراني، وذلك ردًا على الانتقادات العلنية التي وجهتها طهران للسياسات التركية في المنطقة.

وأوضح المتحدث باسم الخارجية التركية أن أنقرة أبلغت الدبلوماسي الإيراني بأن السياسة الخارجية لا يجب أن تكون أداة للسياسة الداخلية، مؤكدًا أن تركيا ترفض التدخل في شؤونها أو التشكيك في استراتيجيتها الإقليمية.

إيران ترد باستدعاء السفير التركي

لم يأتِ هذا التحرك التركي من فراغ، إذ جاء بعد يوم واحد من استدعاء وزارة الخارجية الإيرانية للسفير التركي في طهران، حجابي كيرلانجيتش، على خلفية تصريحات وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، التي حذر فيها إيران من زعزعة استقرار سوريا.

وأفادت مصادر دبلوماسية بأن أنقرة اعتبرت أن الرد الإيراني كان مبالغًا فيه، خاصة وأن تصريحات فيدان لم تكن موجهة بشكل مباشر لطهران، بل تناولت الأوضاع العامة في سوريا ودور الفاعلين الإقليميين فيها.

بداية التوتر: تصريحات فيدان وإيران ترد

بدأ التوتر بين البلدين إثر تصريحات لوزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، دعا فيها إيران إلى "التخلي عن سياسة الاستحواذ في الشرق الأوسط".

كما أشار إلى أن طهران دفعت ثمنًا باهظًا للحفاظ على نفوذها في العراق وسوريا، لكنه أكد أن التكلفة التي تكبدتها كانت أكبر بكثير من المكاسب التي حققتها.

وحذر فيدان من أن السياسة الخارجية الإيرانية التي تعتمد على "الوكلاء الإقليميين" تنطوي على مخاطر كبيرة، معتبرًا أن إيران تتحمل عبئًا اقتصاديًا وسياسيًا هائلًا للحفاظ على نفوذها من خلال دعم الجماعات المسلحة في المنطقة.

إيران ترد: "تصريحات وقحة"

لم تتأخر طهران في الرد على تصريحات فيدان، إذ خرج المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، ليصفها بـ"الوقحة"، متهمًا أنقرة بمحاولة تقويض الدور الإيراني في المنطقة.

وأكد بقائي أن إيران لن تقبل أي تدخل في سياساتها الخارجية، معتبرًا أن تركيا نفسها تمارس نفوذًا واسعًا في سوريا والعراق، وليس من حقها انتقاد الدور الإيراني في المنطقة.

تصعيد متبادل واستدعاء السفراء

تطورت الأمور بسرعة بعد تبادل الانتقادات، حيث سارعت كل من طهران وأنقرة إلى استدعاء السفراء، في خطوة تعكس عمق الخلاف بين البلدين.

ويرى محللون أن هذه الأزمة تأتي في سياق التنافس الإقليمي بين إيران وتركيا، حيث تسعى كل منهما إلى تعزيز نفوذها في سوريا والعراق ومناطق أخرى في الشرق الأوسط.

خلفيات التوتر بين تركيا وإيران

على الرغم من التعاون الاقتصادي الوثيق بين البلدين، فإن التوترات السياسية والعسكرية بين أنقرة وطهران ليست جديدة، بل تعود إلى سنوات طويلة بسبب تضارب المصالح الإقليمية.

  1. الصراع في سوريا:

    • تدعم إيران النظام السوري برئاسة بشار الأسد، بينما تدعم تركيا بعض الفصائل المعارضة.
    • التدخل التركي في شمال سوريا يثير قلق إيران، التي تعتبره تهديدًا لمصالحها.
  2. العراق والتنافس على النفوذ:

    • تلعب إيران دورًا رئيسيًا في العراق عبر دعم الميليشيات الشيعية، بينما تحاول تركيا تعزيز وجودها العسكري والاقتصادي في شمال العراق، خاصة في إقليم كردستان.
  3. العلاقات مع الخليج وإسرائيل:

    • تركيا تسعى إلى تحسين علاقاتها مع دول الخليج، في حين أن إيران تواجه عزلة إقليمية بسبب سياساتها الخارجية.
    • التقارب التركي الإسرائيلي مؤخرًا أثار قلق طهران، التي تعتبر إسرائيل خصمًا استراتيجيًا.

هل يتجه التوتر إلى مواجهة أوسع؟

مع تصاعد التوتر بين البلدين، يبقى السؤال: هل يمكن أن تتحول هذه الخلافات الدبلوماسية إلى مواجهة أوسع؟

تشير التقديرات إلى أن كلا البلدين سيحاولان احتواء الأزمة وعدم تصعيدها إلى مستوى أكثر خطورة، خاصة في ظل الأوضاع الإقليمية المتوترة، ولكن استمرار التنافس على النفوذ قد يؤدي إلى مزيد من الأزمات في المستقبل.

التوتر الدبلوماسي بين تركيا وإيران يعكس تعقيد المشهد السياسي في الشرق الأوسط، حيث تتنافس القوى الإقليمية على النفوذ والتأثير. وبينما يسعى كل من أنقرة وطهران إلى تعزيز مصالحهما، فإن استمرار الخلافات قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد، ما لم يتم احتواؤه عبر قنوات دبلوماسية فعالة.

تعليقات