موائد إفطار باذخة.. غضب في المغرب ضد مشاهير السوشيل

 

المؤثرون في المغرب، رمضان في المغرب، مواقع التواصل الاجتماعي، موائد الإفطار، الجدل حول المشاهير، المحتوى المثير للجدل، شهر رمضان، ثقافة المجتمع المغربي، تأثير السوشيال ميديا، ظاهرة البذخ في رمضان.

في كل عام، ومع حلول شهر رمضان المبارك، تزداد أنشطة المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، حيث يسعى العديد منهم إلى استغلال الموسم لتحقيق أكبر قدر من المشاهدات والتفاعل. إلا أن بعضهم يتجاوز الحدود المألوفة، مما يثير موجات من الجدل والانتقادات، خاصة عندما يتحول عرض مظاهر البذخ والترف إلى مادة إعلامية دسمة تتناقض مع روح الشهر الفضيل، الذي يرتبط في الوجدان الجمعي بالزهد والتقوى والتكافل الاجتماعي.

أحدث فصول هذا الجدل كان مع المؤثرة المغربية "سناء"، التي قامت بنشر فيديو لمائدة إفطارها الفاخرة، ما أثار استياءً واسعًا بين رواد مواقع التواصل، الذين اعتبروا أن هذه التصرفات تخالف قيم المجتمع المغربي وتسيء إلى المعاني الحقيقية لرمضان.

رمضان.. فرصة للمؤثرين لتحقيق المكاسب

لا يخفى على أحد أن شهر رمضان يمثل موسمًا ذهبيًا للمؤثرين، حيث يصبح المحتوى الذي ينشرونه أكثر جذبًا للجمهور، مما يفتح لهم أبواب الربح من الإعلانات والشراكات التجارية. فمع ارتفاع معدلات المشاهدة خلال الشهر الفضيل، يتسابق العديد من المؤثرين إلى إنتاج محتوى مثير للجدل بهدف جذب أكبر عدد ممكن من المتابعين، حتى لو كان ذلك على حساب القيم والمبادئ الاجتماعية.

وفي السنوات الأخيرة، بدأ يظهر شكل جديد من "الترندات" الرمضانية، حيث تحولت موائد الإفطار الفاخرة إلى جزء من المحتوى الذي يعرضه المؤثرون، في محاولة منهم لإبهار الجمهور واستعراض نمط حياة بعيد عن الواقع اليومي للغالبية العظمى من المغاربة.

فيديو سناء.. بين الاستعراض والانتقادات اللاذعة

أثار فيديو "سناء" موجة واسعة من الغضب، حيث ظهرت فيه وهي تستعرض تفاصيل إفطارها الرمضاني الفاخر، من الملابس الفخمة، إلى ديكور غرفة الطعام، وصولًا إلى المائدة الفاخرة المليئة بأصناف الطعام المتعددة. إلا أن ما زاد من حدة الانتقادات هو طريقة تقديم الطعام، حيث ظهر شخص في الفيديو يقوم بدور "الخادم"، مما أثار استغراب الكثيرين، وتساءل البعض:
"متى كان المغاربة يفطرون بهذه الطريقة في منازلهم؟"

جوع الشهرة.. واستغلال كل مناسبة للظهور

لم يكن الغضب موجهًا فقط إلى "سناء"، بل امتد ليشمل العديد من المؤثرين والمشاهير الجدد، الذين باتوا يتسابقون لعرض مظاهر الرفاهية والبذخ، حتى وإن كان ذلك على حساب مشاعر الفقراء والمحتاجين. واعتبر كثير من المنتقدين أن ما يفعله هؤلاء المؤثرون ليس سوى "جوع للشهرة"، هدفه تحقيق أكبر قدر ممكن من التفاعل والانتشار، دون مراعاة لقيم رمضان أو الظروف الاقتصادية التي يمر بها الكثيرون.

وأشار بعض رواد مواقع التواصل إلى أن هذه الظاهرة أصبحت تتكرر في كل موسم رمضاني، حيث يقوم المؤثرون بإنتاج محتوى مصطنع وغير واقعي، بهدف تحقيق "البوز"، حتى وإن كان ذلك يعني تشويه صورة المجتمع المغربي وإدخال عادات وطقوس غريبة عليه.

ماذا يقول الخبراء في علم الاجتماع؟

في تعليق على هذه الظاهرة، أوضح الدكتور علي الشعباني، أستاذ علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تحت تصرف "كل من هب ودب"، مما جعلها وسيلة للترويج لمحتوى بعيد عن القيم والعادات الاجتماعية الأصيلة.

وأضاف الشعباني أن المغاربة اعتادوا رؤية موائد الإفطار الجماعية، ولكن تلك التي تستهدف الفقراء والمحتاجين، حيث يتم تنظيمها من قبل أفراد أو جمعيات خيرية بهدف مساعدة المحتاجين والتخفيف عنهم في هذا الشهر الفضيل، وليس بهدف الاستعراض وجمع المشاهدات.

وأكد أن نشر هذه الفيديوهات التي تعكس مظاهر البذخ والترف المفرط لا تمثل واقع المجتمع المغربي، مشيرًا إلى أن هذه الممارسات الدخيلة لا تعكس ثقافة المغاربة الحقيقية، بل تثير تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء نشرها، وما إذا كانت تهدف إلى إثارة الجدل فقط أم أنها بالفعل تعكس تحولات اجتماعية حقيقية.

المغاربة يطالبون بوقف نشر موائد الإفطار الفاخرة

مع تزايد هذه الظاهرة، أطلق العديد من المغاربة عبر مواقع التواصل حملات تطالب المؤثرين والمشاهير بتجنب نشر صور وفيديوهات لموائد الإفطار الفاخرة، حفاظًا على مشاعر الفقراء والمحتاجين، واحترامًا لقدسية الشهر الفضيل.

وتداول المستخدمون تعليقات تدعو إلى العودة إلى قيم رمضان الحقيقية، التي تتمثل في البساطة، الإحساس بالفقراء، والتكافل الاجتماعي، بعيدًا عن الاستعراض والتفاخر بمظاهر الثراء.

هل يتحمل الجمهور جزءًا من المسؤولية؟

يرى بعض المحللين أن المتابعين أنفسهم يتحملون جزءًا من المسؤولية في انتشار هذه الظاهرة، حيث أن الإقبال الكبير على متابعة هذا النوع من المحتوى هو الذي يدفع المؤثرين إلى إنتاجه.

فكلما زادت المشاهدات والتفاعل، زادت أرباح المؤثرين من الإعلانات والشراكات التجارية، مما يجعلهم يبحثون عن طرق جديدة لإثارة الجدل وزيادة انتشارهم، حتى لو كان ذلك عن طريق استفزاز الجمهور أو تجاوز الخطوط الحمراء.

لذلك، يرى البعض أن الحل لا يكمن فقط في انتقاد المؤثرين، بل أيضًا في وعي الجمهور بضرورة التوقف عن دعم هذا النوع من المحتوى، والتركيز على متابعة المحتوى الهادف والبناء.

ما هو الحل؟

للحد من هذه الظاهرة، يمكن اتخاذ عدة خطوات، أبرزها:

  1. نشر الوعي بين مستخدمي مواقع التواصل حول خطورة دعم المحتوى غير الهادف.
  2. تشجيع المؤثرين على إنتاج محتوى إيجابي يعكس القيم الحقيقية للمجتمع المغربي.
  3. فرض قوانين أو ضوابط تحد من نشر المحتوى الذي يتعمد استفزاز مشاعر الفقراء أو يتنافى مع قيم رمضان.
  4. تعزيز ثقافة العطاء والتكافل الاجتماعي من خلال دعم المبادرات الخيرية التي تساعد المحتاجين بدلًا من التباهي بمظاهر البذخ.

أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب ساحة لإثارة الجدل خلال شهر رمضان، حيث يستغل بعض المؤثرين هذا الشهر لتحقيق الشهرة وزيادة الأرباح، حتى لو كان ذلك عبر ممارسات تتناقض مع قيم المجتمع المغربي.

وفي ظل الانتقادات المتزايدة، يبقى الحل في تعزيز الوعي المجتمعي، ودعم المحتوى الهادف الذي يحترم قيم رمضان ويعكس حقيقة المجتمع المغربي، بدلًا من الانسياق وراء الترندات السطحية التي لا تعكس سوى واقع افتراضي بعيد عن الواقع الحقيقي.

تعليقات