في إطار المساعي المصرية المستمرة لدفع الجهود الدبلوماسية نحو تهدئة الأوضاع في قطاع غزة، استقبلت القاهرة، اليوم الجمعة، وفداً رفيع المستوى من قيادة حركة حماس، وذلك لمناقشة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، والتحضير للانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.
.webp)
تحركات مصرية مكثفة وضمانات دولية
أكدت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية أن مصر تكثف اتصالاتها مع الأطراف المعنية، بما في ذلك الجانبان الأميركي والقطري، بهدف توفير الضمانات اللازمة لاستكمال تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. وشددت القاهرة على أهمية تأمين تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق بما يضمن الاستقرار الإنساني والسياسي في القطاع.
وأوضحت مصادر دبلوماسية أن الجهود المصرية القطرية تهدف إلى إزالة العقبات أمام استكمال الاتفاق، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية عبر المعابر إلى قطاع غزة، مع السعي لتوفير بيئة مناسبة لاستئناف المحادثات حول المرحلة الثانية.
وفد حماس في القاهرة: مطالب واضحة وتنفيذ الاتفاق
من جانبه، أكد مسؤول في حركة حماس لوكالة الأنباء الفرنسية أن وفداً قيادياً برئاسة محمد درويش، القائم بأعمال رئيس الحركة، وصل إلى القاهرة لإجراء مباحثات مع المسؤولين المصريين. وأضاف أن الاجتماعات ستتناول تطورات الوضع في غزة، ومدى التقدم المحرز في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى القضايا المتعلقة بالمرحلة الثانية من الاتفاق.
وأشار المصدر إلى أن حماس تصرّ على إلزام إسرائيل بتنفيذ التزاماتها ضمن الاتفاق، بما في ذلك بدء المرحلة الثانية، وضمان فتح المعابر لدخول المساعدات الإنسانية والطبية، التي تُعد شريان الحياة الأساسي لسكان القطاع.
مفاوضات حول تبادل الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين
وفي سياق متصل، أوضح قيادي آخر في حماس أن الحركة أبدت استعدادها للدخول في مفاوضات جادة حول صفقة تبادل الأسرى، تشمل إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين، بمن فيهم من يحملون الجنسية الأميركية، مقابل الإفراج عن عدد من المعتقلين الفلسطينيين. وأكد أن هذه المسألة تُعتبر جزءاً أساسياً من المرحلة الثانية للاتفاق.
كما شدد القيادي على ضرورة التوصل إلى اتفاق شامل يضمن وقفاً دائماً لإطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل من قطاع غزة، ورفع الحصار المفروض على القطاع منذ سنوات، بالإضافة إلى بدء عملية إعادة الإعمار بدعم مالي وفقاً لما تم الاتفاق عليه في القمة العربية الطارئة التي عُقدت مؤخراً في القاهرة.
واشنطن تعرض مقترحات جديدة لتمديد التهدئة
وفي إطار الجهود الدولية لحلحلة الوضع، أفادت صحيفة "واشنطن بوست"، نقلاً عن مصادر مطلعة، بأن الولايات المتحدة عرضت على حركة حماس مقترحاً يتضمن إطلاق سراح عدد من المحتجزين الأحياء، بمن فيهم المواطن الأميركي عيدان ألكسندر، مقابل تمديد وقف إطلاق النار لمدة شهرين، مع استئناف تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة.
كما كشفت الصحيفة عن مقترح آخر قدمه المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، يقضي بتمديد الهدنة الحالية إلى 50 يوماً إضافية، أي حتى نهاية شهر رمضان وعيد الفصح، بهدف إتاحة المجال لاستكمال المفاوضات حول المرحلة الثانية.
إسرائيل تشترط نزع سلاح غزة.. وحماس ترفض
وفي المقابل، كانت إسرائيل قد أعلنت، على لسان وزير خارجيتها جدعون ساعر، استعدادها للانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، بشرط أن تطلق حركة حماس جميع الأسرى المتبقين، وتوافق على نزع السلاح الكامل للقطاع.
غير أن حركة حماس رفضت هذا الشرط بشكل قاطع، معتبرة أن مطلب نزع سلاح المقاومة غير قابل للنقاش، وأن إسرائيل تسعى من خلال هذا الطرح إلى تعطيل الاتفاق واستئناف العمليات العسكرية في غزة.
المرحلة الثانية من الاتفاق: تحديات وآفاق
كان من المفترض أن تدخل المرحلة الثانية من الاتفاق حيز التنفيذ في بداية شهر مارس الجاري، لكن التوترات بين الأطراف المعنية حالت دون ذلك. ومع استمرار المحادثات في القاهرة، يبقى الأمل قائماً في التوصل إلى تفاهمات تضمن تنفيذ الاتفاق بشكل كامل، وتهيئة الظروف لوقف دائم لإطلاق النار.
وفي ظل تواصل المشاورات الإقليمية والدولية، تبرز العديد من التحديات أمام نجاح المرحلة الثانية، بما في ذلك مدى التزام الأطراف بتنفيذ البنود المتفق عليها، واستمرار الضغوط الإسرائيلية لفرض شروط جديدة قد تعرقل التقدم نحو التهدئة.
هل تنجح الجهود المصرية في تحقيق التهدئة؟
وسط التعقيدات السياسية والأمنية المحيطة بالملف الفلسطيني، تواصل القاهرة لعب دورها المحوري في الوساطة، بهدف تحقيق تهدئة طويلة الأمد في غزة. ورغم العقبات التي تواجه المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، فإن التحركات المصرية المكثفة والاتصالات مع الأطراف الدولية تبعث الأمل في إمكانية التوصل إلى تفاهم يضمن إنهاء الأزمة الإنسانية في القطاع، ويمهد الطريق لاستقرار مستدام في المنطقة.