تزايد أعداد العائدين السوريين بعد التغيرات السياسية في دمشق
.webp)
تشهد سوريا تحولًا كبيرًا في المشهد السياسي منذ أواخر عام 2024، بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، ما أدى إلى تغييرات واسعة في أوضاع اللاجئين السوريين داخل البلاد وخارجها. وأكدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، اليوم الجمعة، أن أكثر من 300 ألف لاجئ سوري عادوا إلى ديارهم منذ بداية ديسمبر 2024.
تصريحات أممية حول عودة اللاجئين
جاءت هذه الأرقام خلال مؤتمر صحافي عقدته المتحدثة باسم المفوضية، سيلين شميت، عبر الفيديو من العاصمة السورية دمشق، حيث قالت: "منذ الثامن من ديسمبر، تجاوز عدد العائدين 300 ألف لاجئ".
وأضافت أن هذا التطور يأتي في ظل تحسن الأوضاع الأمنية والسياسية في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، مشيرة إلى أن هناك رغبة متزايدة لدى السوريين في الخارج بالعودة إلى وطنهم، رغم التحديات التي تواجه عملية إعادة التوطين.
أردوغان يؤكد عودة آلاف اللاجئين من تركيا
تزامنت هذه التصريحات مع إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الخميس، عن عودة أكثر من 133 ألف لاجئ سوري إلى بلادهم خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وذلك بعد التغيرات السياسية التي شهدتها دمشق.
وقال أردوغان في خطاب رسمي: "منذ الثامن من ديسمبر، عاد أكثر من 133 ألف سوري طوعًا إلى وطنهم. ومع تحسن الاستقرار في سوريا، من المتوقع أن يرتفع هذا الرقم بشكل كبير".
وأضاف الرئيس التركي أن بلاده لن تجبر أي لاجئ سوري على المغادرة، بل ستعمل على تسهيل عودتهم للراغبين بذلك، مشيرًا إلى أن تركيا لا تزال تحتضن نحو ثلاثة ملايين لاجئ سوري ممن فروا بسبب الحرب الأهلية المستمرة منذ عام 2011.
كيف تغيرت الأوضاع في سوريا بعد سقوط الأسد؟
شهدت سوريا تغييرات جذرية منذ أواخر 2024، حيث أطاحت فصائل المعارضة المسلحة بحكم بشار الأسد بعد أكثر من 13 عامًا من الصراع، مما أدى إلى انتهاء فترة حكم عائلة الأسد التي استمرت لعقود.
ورغم انتهاء الحرب رسميًا، إلا أن البلاد ما زالت تواجه تحديات كبيرة على المستوى الأمني والاقتصادي، مما يؤثر على عودة اللاجئين واستقرارهم داخل سوريا.
إحصائيات حول النازحين والعائدين
إلى جانب اللاجئين العائدين من خارج البلاد، أكدت المفوضية السامية للأمم المتحدة أن هناك 900 ألف نازح داخلي عادوا أيضًا إلى مناطقهم الأصلية منذ ديسمبر، ما يعني أن إجمالي العائدين داخل سوريا وخارجها بلغ 1.2 مليون شخص.
وأضافت شميت أن دراسة أجرتها المفوضية كشفت أن أكثر من مليون نازح داخلي آخر يخططون للعودة إلى ديارهم خلال العام المقبل، مما يعكس تحسن الظروف الأمنية في بعض المناطق، لا سيما في شمال سوريا.
التحديات التي تواجه العائدين
رغم هذه العودة الكبيرة، لا تزال هناك العديد من التحديات التي تعيق الاستقرار التام للنازحين واللاجئين، وأبرزها:
- نقص الخدمات الأساسية: يعاني العائدون من انعدام البنية التحتية في العديد من المدن والبلدات السورية، حيث يحتاج الكثير منها إلى إعادة إعمار.
- المشاكل الاقتصادية: يواجه العائدون أزمة بطالة حادة ونقص الموارد، مما يصعب عملية إعادة الاندماج في المجتمع.
- الوضع الأمني: رغم تحسن الأوضاع، إلا أن بعض المناطق لا تزال تعاني من بؤر توتر وصراعات متفرقة.
- المساعدات الإنسانية: تعاني المنظمات الدولية من نقص التمويل اللازم لدعم برامج إعادة اللاجئين.
تركيا ودورها في عودة اللاجئين
تعتبر تركيا من أكبر الدول التي استقبلت اللاجئين السوريين منذ بداية الحرب، حيث تؤوي حاليًا نحو ثلاثة ملايين سوري. ومع استقرار الأوضاع في سوريا، تسعى الحكومة التركية إلى تشجيع العودة الطوعية من خلال توفير دعم لوجستي للعائدين.
وأكدت وزارة الداخلية التركية أن غالبية العائدين حتى الآن هم من مناطق شمال سوريا، خاصة من مدينة حلب والمناطق المحيطة بها، حيث عاد نحو 1.24 مليون لاجئ إلى تلك المناطق منذ بدء موجة العودة.
المعابر الحدودية ودورها في تسهيل العودة
تتقاسم تركيا حدودًا بطول 900 كيلومتر مع سوريا، وتضم ست نقاط عبور رئيسية، تعمل جميعها على تسهيل حركة العائدين.
موقف المجتمع الدولي من عودة اللاجئين
رحبت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بعودة اللاجئين إلى بلادهم، لكنها شددت على ضرورة ضمان سلامتهم وتوفير الظروف الملائمة لهم، لضمان استقرار دائم في سوريا.
ودعت المنظمات الدولية إلى تقديم مساعدات إضافية لدعم جهود إعادة التوطين، مشيرة إلى أن نجاح هذه العملية يتطلب تعاونًا دوليًا مكثفًا لضمان استدامة العودة وعدم حدوث موجات نزوح جديدة مستقبلاً.
المستقبل المتوقع للاجئين السوريين
مع استمرار عملية إعادة الاستقرار في سوريا، يتوقع المراقبون أن يشهد العام المقبل زيادة كبيرة في أعداد العائدين، خاصة إذا استمرت جهود إعادة الإعمار وتحسين الوضع الاقتصادي داخل البلاد.
ويرى الخبراء أن تحقيق استقرار دائم في سوريا يتطلب جهودًا دولية مستمرة، إلى جانب دعم حكومي محلي لضمان إعادة توطين النازحين بطريقة آمنة ومستدامة.
تشكل عودة أكثر من 300 ألف لاجئ سوري منذ ديسمبر 2024 نقطة تحول هامة في الملف السوري، خاصة في ظل تأكيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على استعداد تركيا لتسهيل عودة اللاجئين الطوعية، وسط دعوات دولية لضمان استقرار طويل الأمد داخل البلاد.
ومع استمرار التحديات الاقتصادية والأمنية، تبقى جهود إعادة الإعمار والدعم الدولي مفتاحًا رئيسيًا لضمان استقرار العائدين ومنع حدوث نزوح جديد مستقبلاً.