.webp)
في حادثة مأساوية هزت محافظة إربد في شمال الأردن، لقي أربعة أشخاص من عائلة واحدة حتفهم نتيجة استنشاق الغازات السامة المنبعثة من مدفأة الغاز داخل منزلهم في منطقة النعيمة. الحادثة التي وقعت في ظل انخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء، تسلط الضوء مجددًا على مخاطر استخدام المدافئ دون اتباع إجراءات السلامة الضرورية.
تفاصيل الحادثة
وفقًا لما أعلنه العقيد عامر السرطاوي، الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام، فقد تلقت فرق الإسعاف في مديرية دفاع مدني شرق إربد بلاغًا يفيد بوجود عائلة فاقدة للوعي داخل منزلها بسبب استنشاق الغازات المنبعثة من مدفأة الغاز. وعلى الفور، هرعت الفرق المختصة إلى مكان الحادث حيث تم نقل الضحايا إلى مستشفى الملك عبد الله المؤسس، لكنهم كانوا قد فارقوا الحياة قبل وصولهم إلى المستشفى.
الضحايا هم:
- نبيل عدنان أحمد الصمادي، البالغ من العمر 30 عامًا.
- زوجته هدى فادي جمال الصمادي، التي لم تتجاوز 19 عامًا.
- طفلهما عثمان نبيل عدنان الصمادي، البالغ من العمر عامين ونصف.
- الرضيع يزن نبيل عدنان الصمادي، الذي لم يتجاوز ثلاثة أشهر.
وأكدت التحقيقات الأولية أن سبب الوفاة كان استنشاق غاز أول أكسيد الكربون، المعروف بـ"القاتل الصامت"، نظرًا لكونه عديم اللون والرائحة، مما يجعله خطرًا كبيرًا على حياة الأشخاص دون أن يدركوا وجوده.
القاتل الصامت: خطر غير مرئي
غاز أول أكسيد الكربون هو غاز سام ينتج عن احتراق الوقود مثل الغاز الطبيعي والخشب والفحم دون وجود تهوية كافية. عند استنشاقه، يحل محل الأكسجين في مجرى الدم، مما يؤدي إلى انخفاض مستويات الأكسجين في الأنسجة والأعضاء، وبالتالي يسبب ضيقًا شديدًا في التنفس، فقدانًا للوعي، وقد يؤدي إلى الوفاة في غضون دقائق إذا لم يتم التدخل السريع.
تشير التقارير الطبية إلى أن التعرض لمستويات منخفضة من غاز أول أكسيد الكربون يمكن أن يسبب الصداع، الدوار، الغثيان، والتعب، وهي أعراض غالبًا ما يتم الخلط بينها وبين أعراض نزلات البرد أو التسمم الغذائي. ومع استمرار التعرض، تتفاقم الأعراض لتصل إلى فقدان الوعي والموت المفاجئ.
تحذيرات الأمن العام الأردني
بعد وقوع هذه الحادثة المؤلمة، أصدرت مديرية الأمن العام الأردنية تحذيرات شديدة اللهجة للمواطنين بشأن مخاطر استخدام المدافئ بطريقة غير آمنة. وأكدت المديرية أن استنشاق غاز أول أكسيد الكربون يؤدي إلى مضاعفات خطيرة قد تنتهي بالوفاة إذا لم يتم التعامل معها بسرعة.
ودعت السلطات المواطنين إلى اتباع إجراءات السلامة عند استخدام المدافئ، والتي تشمل:
- عدم ترك المدفأة مشتعلة أثناء النوم: حيث يؤدي ذلك إلى تراكم الغازات السامة دون أن يشعر بها الأشخاص النائمون.
- التهوية الجيدة للمنازل: يُنصح بفتح النوافذ ولو بشكل جزئي لضمان تجدد الهواء داخل الغرف.
- فحص المدافئ دوريًا: من المهم التأكد من سلامة المدفأة والخراطيم الواصلة بين الأسطوانة وجسم المدفأة، والتأكد من عدم وجود أي تسرب للغاز.
- استخدام كاشفات أول أكسيد الكربون: يمكن أن تنبه هذه الأجهزة السكان عند ارتفاع مستويات الغاز في المنزل، ما يسمح لهم باتخاذ إجراءات وقائية في الوقت المناسب.
- عدم استخدام المدافئ في الأماكن المغلقة تمامًا: مثل الحمامات والغرف الصغيرة دون تهوية.
خطورة حوادث التسمم بالغاز في فصل الشتاء
مع انخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء، تزداد معدلات استخدام المدافئ في المنازل، مما يؤدي إلى ارتفاع حالات التسمم بغاز أول أكسيد الكربون. وتشير الإحصائيات إلى أن مئات الأشخاص حول العالم يفقدون حياتهم سنويًا بسبب التعرض لهذا الغاز السام، ومعظم الحالات تحدث أثناء النوم.
في الأردن، سجلت العديد من الحوادث المشابهة في السنوات الماضية، حيث لقي العديد من الأشخاص حتفهم بسبب الاستخدام غير السليم لوسائل التدفئة، مما دفع الجهات المختصة إلى تكثيف حملات التوعية حول أخطار التسمم بالغاز وضرورة اتباع إرشادات السلامة.
أهمية التوعية والتدخل السريع
إلى جانب اتخاذ التدابير الوقائية، من المهم نشر الوعي بين المواطنين حول كيفية التصرف في حالة الاشتباه بحدوث تسرب غاز أو حالات تسمم. ومن الإجراءات التي يمكن اتخاذها في مثل هذه الحالات:
- إطفاء مصدر التسرب فورًا: إذا كان ذلك آمنًا ودون تعريض النفس للخطر.
- فتح النوافذ والأبواب: لتهوية المكان وتقليل تركيز الغاز في الهواء.
- إخلاء المنزل فورًا: والخروج إلى منطقة مفتوحة لاستنشاق هواء نقي.
- الاتصال الفوري برقم الطوارئ 911: للحصول على المساعدة الطبية في أسرع وقت ممكن.
- عدم محاولة إشعال أي مصدر للنار: حيث إن وجود الغاز في الهواء قد يؤدي إلى انفجار.
دعوة إلى اتخاذ تدابير أمان مشددة
الحوادث المأساوية مثل تلك التي شهدتها محافظة إربد تسلط الضوء على الحاجة الملحة لتعزيز تدابير الأمان داخل المنازل، لا سيما في فصل الشتاء حيث يكون الاعتماد على المدافئ أمرًا شائعًا. إن مسؤولية الوقاية لا تقع على عاتق الجهات الرسمية فحسب، بل يجب أن يتحملها كل فرد داخل المجتمع، من خلال توخي الحذر، واتباع إجراءات الأمان، ونشر الوعي بين أفراد الأسرة.
في ختام بيانها، جددت مديرية الأمن العام الأردنية دعوتها للمواطنين إلى توخي الحذر، والالتزام بالإرشادات الوقائية عند استخدام المدافئ، مشددة على أن الالتزام بهذه الإرشادات البسيطة يمكن أن ينقذ الأرواح ويمنع وقوع حوادث مأساوية مماثلة.
كما أكدت المديرية على ضرورة أن يكون لدى كل منزل جهاز كاشف لأول أكسيد الكربون، والذي يمكن أن ينبه السكان عند تسرب الغاز، مما يوفر فرصة للتدخل قبل فوات الأوان.
إن وفاة عائلة بأكملها في حادثة مؤلمة كهذه تدفعنا جميعًا إلى إعادة التفكير في مدى وعينا بمخاطر التدفئة غير الآمنة. يجب أن يكون هناك التزام جماعي بنشر الوعي حول أخطار غاز أول أكسيد الكربون، وضرورة استخدام وسائل التدفئة بأمان، واتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث المفجعة.
ندعو الجميع إلى توخي الحذر واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة، حتى لا نفقد المزيد من الأرواح بسبب "القاتل الصامت".