.webp)
الأمين العام للأمم المتحدة: استمرار احتجاز موظفي المنظمة أمر غير مقبول
أدان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بشدة وفاة أحد موظفي برنامج الأغذية العالمي أثناء احتجازه تعسفيًا من قبل جماعة الحوثي منذ 23 يناير الماضي. وعبر غوتيريش في بيان رسمي عن تعازيه الحارة لعائلة الموظف الفقيد وزملائه في برنامج الأغذية العالمي، مؤكداً تضامنه الكامل مع جميع زملائه المحتجزين وعائلاتهم الذين يعيشون ظروفًا مأساوية بسبب الاحتجاز غير القانوني.
وأشار غوتيريش إلى أن الملابسات المحيطة بهذه الحادثة الأليمة ما زالت غامضة، مشدداً على ضرورة الحصول على تفسيرات رسمية من "سلطات الأمر الواقع"، في إشارة مباشرة إلى جماعة الحوثي. كما دعا إلى فتح تحقيق عاجل، شفاف وشامل للكشف عن تفاصيل ما حدث ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان.
وأضاف الأمين العام أن الأمم المتحدة تتابع بقلق بالغ استمرار احتجاز عشرات الموظفين العاملين في المنظمة الدولية والمنظمات غير الحكومية، سواء المحلية أو الدولية، إضافة إلى العاملين في منظمات المجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية. وأكد أن بعض هؤلاء المحتجزين مضى على اعتقالهم التعسفي سنوات عدة، مشيراً إلى أن هذا الوضع غير مقبول بأي حال من الأحوال.
وأكد غوتيريش مجدداً على ضرورة الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، داعياً المجتمع الدولي إلى ممارسة الضغوط اللازمة لإنهاء هذه الانتهاكات التي تعرقل الجهود الإنسانية والإغاثية في اليمن. كما شدد على أن الأمم المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي وستواصل اتخاذ جميع الإجراءات الممكنة لضمان سلامة وأمن موظفيها الذين يعملون بلا كلل لتقديم المساعدات الإنسانية للشعب اليمني الذي يعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
الحكومة اليمنية تطالب الأمم المتحدة بموقف حازم
من جهتها، طالبت الحكومة اليمنية الأمم المتحدة باتخاذ موقف صارم ضد جماعة الحوثيين عقب مقتل أحمد باعلوي، وهو أحد موظفي برنامج الأغذية العالمي الذي توفي أثناء احتجازه في سجون الحوثيين بمحافظة صعدة، الواقعة شمالي البلاد. وأعربت وزارة حقوق الإنسان اليمنية، في بيان رسمي، عن حزنها العميق وإدانتها الشديدة للحادثة، مؤكدة أن استمرار مثل هذه الانتهاكات يشكل تهديدًا خطيرًا للعمل الإنساني في اليمن.
وشددت الوزارة على أن الحكومة اليمنية سبق أن أصدرت عدة تحذيرات بخصوص خطورة استمرار اعتقال موظفي الأمم المتحدة والعاملين في وكالات الإغاثة الإنسانية. كما حمّلت الحكومة اليمنية كلًّا من منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، جوليان هانس، والمبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، المسؤولية الكاملة عن ضرورة تقديم تقرير واضح وشامل حول ما يحدث من انتهاكات جسيمة بحق المحتجزين داخل سجون الحوثيين.
وأوضحت الوزارة أن حادثة مقتل باعلوي ليست سوى واحدة من سلسلة طويلة من الانتهاكات التي تعرض لها العديد من الموظفين الإنسانيين. وطالبت بضرورة فرض عقوبات دولية على الجماعة المسؤولة عن هذه الجرائم، ودعت إلى اتخاذ إجراءات حازمة لضمان سلامة وأمن العاملين في المجال الإنساني الذين يقدمون خدمات ضرورية للمحتاجين في اليمن.
برنامج الأغذية العالمي يعبر عن صدمته
من جانبه، عبّر برنامج الأغذية العالمي عن حزنه العميق وغضبه الشديد إزاء وفاة موظفه أحمد باعلوي أثناء احتجازه التعسفي شمال اليمن. وأكد البرنامج في بيان مقتضب أنه يشعر بقلق بالغ إزاء استمرار اعتقال موظفيه من قبل جماعة الحوثي، مطالباً بضمان سلامتهم وإطلاق سراحهم دون تأخير.
ورغم أن البيان لم يذكر جماعة الحوثي بشكل مباشر، إلا أنه أشار إلى الظروف القاسية التي يتعرض لها الموظفون المحتجزون، معبراً عن قلقه البالغ بشأن مستقبل العمل الإنساني في المناطق التي تسيطر عليها الجماعة. كما طالب البرنامج بتقديم توضيحات حول ملابسات وفاة باعلوي وظروف احتجازه التي أدت إلى هذه المأساة.
استمرار الاعتقالات التعسفية
يعد باعلوي واحدًا من سبعة موظفين يعملون في برنامج الأغذية العالمي تم اعتقالهم في يناير الماضي أثناء تأدية مهامهم الإنسانية في محافظة صعدة، التي تعد المعقل الرئيسي لجماعة الحوثي. ويأتي هذا الاعتقال في إطار حملة أوسع تستهدف العاملين في المنظمات الإنسانية، حيث قامت الجماعة باحتجاز العشرات من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية، بالإضافة إلى نشطاء المجتمع المدني وأعضاء البعثات الدبلوماسية.
وأكدت مصادر حقوقية أن الحوثيين يستخدمون الاعتقال التعسفي كوسيلة للضغط السياسي، حيث يتم احتجاز العديد من العاملين في المجال الإنساني دون توجيه تهم واضحة أو تقديمهم للمحاكمة، مما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني المتردي في اليمن.
دعوات دولية للتحرك
إزاء هذه التطورات، تصاعدت الدعوات الدولية بضرورة اتخاذ إجراءات صارمة لحماية العاملين في المجال الإنساني. حيث طالبت العديد من المنظمات الدولية، بما في ذلك هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لوضع حد لهذه الانتهاكات المتكررة التي تمثل انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية.
كما دعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى ضرورة اتخاذ موقف أكثر تشددًا تجاه جماعة الحوثي، وممارسة مزيد من الضغوط لوقف الانتهاكات بحق العاملين في المجال الإنساني. واعتبرت بعض العواصم الغربية أن استمرار احتجاز الموظفين الأمميين يمثل تصعيدًا خطيرًا قد يؤثر على مستقبل العمليات الإغاثية في اليمن.
تأثير الأزمة على العمل الإنساني
تسبب تصاعد الانتهاكات ضد العاملين في المجال الإنساني في اضطراب كبير بجهود الإغاثة في اليمن، حيث بات العديد من المنظمات الإنسانية يواجه تحديات جسيمة في الوصول إلى المحتاجين. كما أدى القلق المتزايد حول سلامة العاملين إلى تراجع بعض المنظمات عن العمل في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، مما يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد.
ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، فإن اليمن يواجه إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يحتاج أكثر من 20 مليون شخص إلى مساعدات عاجلة للبقاء على قيد الحياة. ويعتمد الملايين من اليمنيين على المساعدات الغذائية والإنسانية المقدمة من الأمم المتحدة وشركائها، مما يجعل أي تعطيل لهذه الجهود أمرًا كارثيًا.
في ظل استمرار هذه الممارسات، يظل الوضع في اليمن مأساويًا، مع تزايد الحاجة إلى تدخل دولي قوي لحماية العاملين في المجال الإنساني، وضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين دون عوائق. كما أن الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين ظلماً بات ضرورة إنسانية وأخلاقية لا تحتمل التأجيل.
ويبقى المجتمع الدولي أمام مسؤولية كبيرة للضغط على جميع الأطراف لإنهاء هذه الانتهاكات وضمان بيئة آمنة ومستقرة لجهود الإغاثة الإنسانية، التي تمثل شريان الحياة لملايين اليمنيين الذين يعانون من الصراع والأزمات المتفاقمة.