غزة مش ملك أبوك.. هل يقاضي وزير العدل المغربي بن كيران؟

 

عبد الإله بن كيران، وزير العدل المغربي، تصريحات بن كيران، إساءة لرؤساء الدول، قانون الصحافة المغربي، المغرب، ترامب، حزب العدالة والتنمية، حرية التعبير، المتابعة القضائية.

لطالما كان عبد الإله بن كيران، رئيس الحكومة المغربية الأسبق والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، محط أنظار المراقبين السياسيين في المغرب، الذين اعتادوا على وصفه بالرجل الذي لا يعرف السكوت. هذا الموقف جعله يدخل في العديد من المواجهات مع شخصيات وجهات مختلفة على مر السنوات. لكن تصريحاته الأخيرة قد تجلب له المزيد من المتاعب القانونية، بل وقد تزجه خلف القضبان، وفقًا لما لمح إليه وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي.

اتهامات بن كيران للرئيس الأميركي ترامب

في مداخلته الأخيرة، التي أدلى بها خلال جلسة لجنة العدل والتشريع في مجلس النواب المغربي، أشار وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي إلى أن القانون المغربي يجرم إهانة رؤساء الدول الأجنبية. وجاء هذا التصريح بعد كلمة أدلى بها عبد الإله بن كيران في اجتماع للجنة المركزية لشبيبة العدالة والتنمية، حيث وصف خلالها خطة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم بأنها "خطة تعيد العالم إلى قانون الغاب". كما هاجم بن كيران ترامب بشكل شخصي، متسائلًا كيف يمكن لرجل أن يقرر مصير شعب بأسره.

وأضاف بن كيران أن "غزة ليست ملكًا له أو لعائلته حتى يقرر نقل أهلها"، محذرًا من محاولة ترامب العبث بالجغرافيا السياسية للعالم، فقال: "غزة في ملك والده". واتهم الرئيس الأمريكي بمحاولة "تحطيم البنية القانونية والجيوسياسية للعالم"، وهو ما يعكس تحاملًا شديدًا على سياسة ترامب التي وصفها بن كيران بالاستبدادية.

التلميح بالمتابعة الجنائية

تصريحات بن كيران أثارت موجة من ردود الفعل داخل الأوساط السياسية والقانونية المغربية، لا سيما بعد تلميحات وزير العدل عبد اللطيف وهبي بشأن متابعة أي شخص في المغرب إذا أساء أو مس بكرامة رئيس دولة أجنبية. وفي تعليقه على تصريحات بن كيران، تساءل وزير العدل حول ما إذا كانت النيابة العامة ستتخذ خطوات قانونية ضد بن كيران بسبب تصريحاته المهينة بحق رئيس دولة أجنبية، مشيرًا إلى أن هذا القرار يعود إلى النيابة العامة المغربية، لكنه من الواضح أن الوزير كان يشير إلى إمكانية المتابعة القضائية ضد بن كيران.

القانون المغربي وجرائم الإهانة

في ضوء تصريحات وزير العدل، أكد خالد دان، المحامي بهيئة الدار البيضاء، أن القانون المغربي يعاقب كل من يهين أو يمس بكرامة رؤساء الدول الأجنبية أو ممثليهم الدبلوماسيين. وأشار إلى أن هذه الإهانة يتم تجريمها بموجب المواد المتعلقة بالصحافة والنشر في القانون رقم 88.13، وبالتحديد المادة 81 التي تنص على معاقبة كل من يهين شخصيات رسمية من خلال وسائل الإعلام أو النشر بغرامات مالية تتراوح بين 100 ألف و300 ألف درهم، أي ما يعادل من 10 إلى 30 ألف دولار أمريكي. وأضاف المحامي أن نفس الفعل يمكن أن يعاقب بالسجن بموجب القانون الجنائي المغربي.

ردود الفعل على تصريحات وزير العدل

تصريحات وزير العدل عبد اللطيف وهبي بشأن متابعة بن كيران لاقت تفاعلًا واسعًا في الأوساط المغربية. ففي الوقت الذي دعم فيه البعض الوزير في دعوته إلى حماية هيبة رؤساء الدول، اعتبر آخرون أن وزير العدل "مهووس بالمتابعات" وأنه يسعى إلى افتعال القضايا والمشاكل السياسية، لا سيما وأن الحادثة جاءت في وقت كان وزير العدل قد رفع فيه دعاوى قضائية ضد صحافيين مغاربة آخرين. وهذا يشير إلى أن الوزير قد يكون يسعى إلى فرض رقابة أكبر على حرية التعبير في البلاد.

التفاعل الإعلامي والمجتمعي

من جانب آخر، تفاعل الإعلام المغربي والمجتمع المدني بشكل واسع مع تصريحات بن كيران ووزير العدل، حيث اعتبر البعض أن هذه التصريحات جزء من المناكفات السياسية بين الشخصيات الحكومية والحزبية في المغرب. فقد كانت كلمات بن كيران عن ترامب بمثابة تجسيد لرؤيته السياسية تجاه قضايا فلسطين والعلاقات الدولية، وهو ما يراه البعض من مواقف قوية تدافع عن القضايا العربية والإسلامية. بينما يرى آخرون أن تصريحات بن كيران تعد خروجًا عن الأعراف الدبلوماسية ويمكن أن تؤثر سلبًا على العلاقات المغربية مع بعض الدول الأجنبية، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية.

إساءة لرؤساء الدول في القانون المغربي

على الرغم من الجدل الكبير الذي أثير حول تصريحات بن كيران، فإن القانون المغربي يظل صارمًا في معاقبة من يسيء إلى رؤساء الدول أو ممثليهم. ويهدف هذا القانون إلى حماية العلاقات الدبلوماسية والحفاظ على الاحترام المتبادل بين الدول، وهو ما يضمن للمغرب تجنب الدخول في صراعات دبلوماسية مع دول أخرى بسبب تصريحات غير دبلوماسية أو مسيئة.

التاريخ السياسي لعبد الإله بن كيران

بالنسبة لعبد الإله بن كيران، فهو ليس غريبًا عن الجدل السياسي في المغرب. فقد عُرف بتصريحاته المثيرة للجدل طوال مسيرته السياسية. وكان بن كيران قد شغل منصب رئيس الحكومة المغربية في فترتين مختلفتين، حيث قاد حكومة ائتلافية ضمت حزب العدالة والتنمية إلى جانب أحزاب أخرى. وشارك بن كيران في العديد من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، لكنه دائمًا ما كان يتسبب في إثارة الجدل بسبب تصريحاته القوية، خاصة في القضايا المتعلقة بالسياسة الخارجية، خصوصًا تجاه الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية.

تصريحات عبد الإله بن كيران الأخيرة قد تفتح الباب أمام محاكمة قانونية له، في حال تم النظر فيها على أنها إساءة إلى رئيس دولة أجنبية. في الوقت نفسه، تبرز هذه الحادثة الجدل المستمر في المغرب بشأن حرية التعبير وحدود الانتقاد في الحياة السياسية. وبينما يترقب الجميع نتائج هذه القضية، يبقى السؤال الأبرز: هل ستسير الأمور نحو محاكمة قانونية لبن كيران، أم أن السياسة المغربية ستظل قادرة على إيجاد حلول دبلوماسية دون اللجوء إلى تصعيد الأمور قضائيًا؟

تعليقات