.webp)
دعا المتحدث باسم حركة حماس، حازم قاسم، اليوم السبت، الولايات المتحدة إلى التدخل لإلزام إسرائيل بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكداً أن ذلك يصب في مصلحة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة. وأوضح في بيان رسمي أن واشنطن يجب أن تفرض على إسرائيل احترام التزاماتها بموجب الاتفاق، مشيراً إلى أن الحركة لديها "خيارات أخرى" إذا تنصلت تل أبيب من تنفيذ التفاهمات القائمة.
تبادل الأسرى: مستجدات العملية
في سياق استمرار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، أفرجت "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحماس، عن ثلاثة أسرى إسرائيليين في إطار الدفعة السادسة من عملية التبادل. وتم تسليمهم إلى الصليب الأحمر، الذي قام بنقلهم عبر قافلة خاصة من مدينة خان يونس إلى معبر كرم أبو سالم.
المحررون هم الإسرائيلي الروسي ساشا تروبانوف، والإسرائيلي الأميركي ساغي ديكل حن، بالإضافة إلى الإسرائيلي الأرجنتيني يائير هورن. وبعد استلامهم من قبل الصليب الأحمر، تسلمهم الجيش الإسرائيلي عند المعبر. وشهدت عملية التسليم حضوراً كبيراً حيث تجمع عدد من الأشخاص في المكان، واستمعوا إلى حديث الأسرى باللغة العبرية عبر مذياع، حيث طالبوا بالإفراج عن بقية المحتجزين في غزة.
تحركات إسرائيل في ملف الأسرى الفلسطينيين
من جانبها، ردت إسرائيل بإطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين من سجن عوفر. وأفاد مراسل "العربية/الحدث" أن الأسرى المحررين وصلوا إلى قطاع غزة وسط احتشاد أهاليهم لاستقبالهم بأعداد كبيرة. وتُعد هذه الدفعة الأكبر حتى الآن ضمن المرحلة الحالية من التبادل، حيث تضمنت 36 فلسطينياً محكومين بالمؤبد، إضافة إلى 333 آخرين اعتقلتهم إسرائيل بعد السابع من أكتوبر.
كما ذكرت مصادر مطلعة أن 24 من المحكومين بالمؤبد تم إبعادهم إلى خارج قطاع غزة، وتم نقلهم إلى مصر، على أن يتم ترحيلهم لاحقاً إلى دول أخرى قد تشمل تونس، قطر، أو تركيا. كما أوضح الصليب الأحمر أنه تم نقل أربعة أسرى فلسطينيين إلى الضفة الغربية، في حين وصلت مجموعة أخرى مكونة من 24 أسيراً إلى معبر رفح.
تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار
تندرج عمليات التبادل هذه ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، وهو اتفاق مقسم إلى ثلاث مراحل ويستمر على مدار 42 يوماً. ووفقاً للاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير، تعهدت حماس بالإفراج عن 33 إسرائيلياً محتجزاً في غزة بحلول أوائل مارس، مقابل إطلاق سراح 1900 معتقل فلسطيني من السجون الإسرائيلية.
وحتى الآن، أفرجت حماس عن 16 أسيراً إسرائيلياً، بالإضافة إلى خمسة أسرى يحملون الجنسية التايلاندية في إطار عملية إطلاق سراح غير مدرجة مسبقاً ضمن الاتفاق. وبحسب التقديرات الإسرائيلية، لا يزال هناك 73 إسرائيلياً محتجزين في غزة، يُعتقد أن نصفهم فقط على قيد الحياة.
آفاق المرحلة المقبلة
ومع استمرار تنفيذ المرحلة الأولى، تستعد الأطراف المعنية للمباحثات حول المرحلة الثانية، التي يتوقع أن تنطلق الأسبوع المقبل. وتشير تقارير إلى أن المفاوضات ستتناول تسريع الإفراج عن ما تبقى من الأسرى الإسرائيليين، مقابل إطلاق دفعات إضافية من المعتقلين الفلسطينيين.
وتشمل المرحلة الثالثة والأخيرة من الاتفاق إعادة إعمار قطاع غزة، وهو مشروع ضخم تقدر الأمم المتحدة تكلفته بأكثر من 53 مليار دولار. وقد بدأت بالفعل مشاورات دولية، بقيادة مصر، حول آليات تنفيذ هذا المخطط، في ظل استمرار الجدل حول مستقبل القطاع بعد انتهاء الحرب.
إعمار غزة: محور المفاوضات المستقبلية
وسط هذه التطورات، تكثف القاهرة جهودها الدبلوماسية لتشكيل لجنة مؤقتة للإشراف على عمليات الإغاثة وإعادة إعمار غزة. ويأتي هذا التحرك في وقت تواصل فيه الولايات المتحدة الضغط على الأطراف الإقليمية لإيجاد حلول مستدامة للوضع في القطاع.
وفي الوقت ذاته، يواجه مشروع إعادة الإعمار عراقيل عديدة، أبرزها رفض إسرائيل السماح لحماس بالبقاء في السلطة بعد انتهاء القتال. كما أن بعض التصريحات المتداولة، لا سيما تلك الصادرة عن مسؤولين أميركيين، تثير مخاوف بشأن إمكانية تهجير السكان وإعادة توطينهم كجزء من خطة إعادة الإعمار.
الموقف الدولي من الاتفاق
تحظى الجهود الجارية لإتمام الاتفاق بدعم دولي واسع، مع تأكيد الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي على ضرورة الالتزام بتنفيذ كافة بنود وقف إطلاق النار. ورغم التحديات المستمرة، هناك تفاؤل حذر بإمكانية التوصل إلى حلول تضمن الأمن والاستقرار للمنطقة، خاصة مع اقتراب موعد انطلاق المرحلة الثانية من المفاوضات.
يستمر تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل وسط ترقب للمرحلة التالية التي ستحدد مصير بقية الأسرى الإسرائيليين والمعتقلين الفلسطينيين. وفيما تعمل القاهرة على تهيئة الأجواء لإعادة إعمار غزة، تتزايد التساؤلات حول مستقبل الحكم في القطاع بعد انتهاء النزاع الحالي. في ظل هذه الأوضاع، يبقى نجاح الاتفاق مرهوناً بمدى التزام الأطراف ببنوده، وضمان عدم الانزلاق مجدداً نحو جولات جديدة من التصعيد.