إسرائيل تؤكد بقاءها في محور فيلادلفي وسط تصعيد في ملف غزة
مع استمرار التوتر في قطاع غزة وتطورات المشهد السياسي، أكدت إسرائيل بقاء قواتها العسكرية في محور فيلادلفي، وهو الشريط الحدودي الفاصل بين قطاع غزة ومصر، وذلك على الرغم من إعلان حركة حماس استعدادها للبدء في التفاوض على المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.
وفي الوقت ذاته، شدد المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، على أن حماس لا مكان لها سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية، مؤكدًا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يتسامح مع ما وصفه بـ"الإرهابيين"، مشيرًا إلى أن المرحلة الأولى من اتفاق غزة لم تكن لتتحقق لولا جهود الإدارة الأميركية.
إسرائيل تعزز وجودها في محور فيلادلفي
رغم المساعي الدولية لدفع المفاوضات نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، فإن إسرائيل أعلنت أنها لن تسحب قواتها من محور فيلادلفي الحدودي. ويعتبر هذا المحور من النقاط الاستراتيجية الحساسة، حيث يمثل نقطة الفصل بين قطاع غزة والأراضي المصرية، ويعد ممراً رئيسياً لحركة البضائع والأسلحة.
وأكد مسؤولون إسرائيليون أن الحفاظ على السيطرة العسكرية في هذا الموقع ضروري لمنع تهريب الأسلحة إلى الفصائل الفلسطينية، مشيرين إلى أن الوضع الأمني لا يزال هشًا، ويتطلب استمرار الوجود العسكري في المنطقة.
تصريحات أميركية حازمة ضد حماس
في تطور لافت، صرّح مبعوث ترامب الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، اليوم الخميس، بأن إدارة ترامب لن تسمح بأي دور لحماس في غزة أو الضفة الغربية، مشددًا على أن الولايات المتحدة تعتبر الحركة "مجموعة إرهابية" لا يمكن التفاوض معها على مستقبل القطاع.
وخلال مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز"، أكد ويتكوف أن نجاح المرحلة الأولى من اتفاق غزة لم يكن ليحدث دون تدخل ترامب، في إشارة إلى الجهود الأميركية التي ساهمت في دفع المفاوضات نحو تنفيذ بنود الهدنة.
أما الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فقد وصف حماس بـ"مجموعة من الأشرار"، خلال حديثه مع الصحافيين في البيت الأبيض مساء أمس، مضيفًا أن مصير المرحلة الثانية من الهدنة مرهون بالقرار الإسرائيلي.
المرحلة الثانية من اتفاق غزة.. هل ستبدأ المفاوضات؟
في الوقت الذي تتصاعد فيه التصريحات المتشددة، أكدت حركة حماس استعدادها لبدء المفاوضات حول المرحلة الثانية من اتفاق الهدنة، الذي بدأ تطبيقه في 19 يناير الماضي.
وبحسب الاتفاق، تنقسم الهدنة إلى ثلاث مراحل، حيث نصت المرحلة الأولى على إطلاق سراح 33 أسيرًا إسرائيليًا مقابل مئات الأسرى الفلسطينيين، وكان من المفترض أن تتبعها المرحلة الثانية التي تتضمن مواصلة تبادل الأسرى مع انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة.
ومع اقتراب الأول من مارس، وهو الموعد المحدد لانتهاء المرحلة الأولى، لا تزال المفاوضات حول المرحلة الثانية غير واضحة، إذ لم يصدر أي إعلان رسمي من الجانب الإسرائيلي بشأن استعداده للدخول في مباحثات جديدة.
التحديات التي تواجه المرحلة الثانية
تواجه المرحلة الثانية من اتفاق الهدنة عدة تحديات رئيسية، أبرزها:
الموقف الإسرائيلي المتشدد: تصر إسرائيل على عدم الانسحاب الكامل من قطاع غزة، وتعتبر أن بقاء قواتها في المناطق الحدودية، مثل محور فيلادلفي، أمر ضروري لأمنها القومي.
الضغوط الأميركية على حماس: التصريحات الأخيرة للمبعوث الأميركي والموقف الرسمي للإدارة الأميركية يشيران إلى تشدد واضح تجاه أي دور مستقبلي لحماس في حكم غزة، ما قد يؤدي إلى تعطيل أي مفاوضات جديدة.
ملف الأسرى والمعتقلين: لا يزال هناك خلافات بشأن أعداد الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم في المرحلة الثانية، حيث تطالب حماس بالإفراج عن أكبر عدد ممكن من المعتقلين، بينما تسعى إسرائيل إلى تقليل عدد المفرج عنهم مع الإبقاء على بعض الأسماء قيد الاعتقال.
الوضع الأمني في غزة: تصاعد التوترات في القطاع، واستمرار الغارات الجوية والاشتباكات المحدودة، قد يعرقل التقدم في المفاوضات، ويزيد من تعقيد تنفيذ أي اتفاق جديد.
ماذا بعد؟ السيناريوهات المحتملة
مع اقتراب موعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة، هناك عدة سيناريوهات محتملة:
السيناريو الأول: تبدأ المرحلة الثانية من الاتفاق كما هو مخطط لها، ويتم استئناف المفاوضات بين إسرائيل وحماس بوساطة دولية، بهدف التوصل إلى اتفاق شامل يشمل الانسحاب التدريجي الإسرائيلي من غزة مقابل إطلاق مزيد من الأسرى.
السيناريو الثاني: تتعثر المفاوضات بسبب الموقف الإسرائيلي المتشدد والضغوط الأميركية، مما يؤدي إلى إطالة أمد الهدنة دون تقدم فعلي في تنفيذ المرحلة الثانية.
السيناريو الثالث: تنهار الهدنة بالكامل بسبب تصاعد العمليات العسكرية أو انهيار الثقة بين الأطراف المتفاوضة، ما قد يعيد الأوضاع إلى نقطة الصفر، ويدفع المنطقة نحو جولة جديدة من التصعيد العسكري.
ختامًا
يبقى مصير المرحلة الثانية من اتفاق غزة رهينًا بالتحركات الدبلوماسية والمواقف السياسية، وسط تعنت إسرائيلي واضح في البقاء داخل محور فيلادلفي، وموقف أميركي متشدد تجاه حماس.
وفيما تستمر الجهود الدولية لمحاولة الحفاظ على الهدنة ومنع انهيارها، تبقى الأنظار متجهة إلى الأيام المقبلة، لمعرفة ما إذا كان الاتفاق سيُستكمل وفقًا للخطة الموضوعة، أم أن التعقيدات السياسية والعسكرية ستعرقل تنفيذ بنوده، مما قد يؤدي إلى تصعيد جديد في قطاع غزة.