.webp)
زيارة تاريخية: الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في أنقرة للقاء أردوغان
في أول زيارة لرئيس سوري إلى أنقرة منذ 15 عامًا، يلتقي الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، اليوم الثلاثاء، مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في اجتماع تاريخي من المتوقع أن يتناول العديد من القضايا الحساسة المتعلقة بسوريا والعلاقات الثنائية بين البلدين.
ملفات ساخنة على طاولة المباحثات
من المتوقع أن تشمل المباحثات بين الشرع وأردوغان قضايا إعادة الإعمار، والتعاون العسكري، ومستقبل شمال سوريا، ومسألة اللاجئين، بالإضافة إلى التنسيق الأمني بين دمشق وأنقرة.
وكشفت مصادر مطلعة أن أحد المحاور الأساسية في الاجتماع سيكون إبرام اتفاق دفاع مشترك بين تركيا وسوريا، والذي قد يتضمن إنشاء قواعد جوية تركية في وسط سوريا، وفقًا لما نقلته وكالة رويترز.
اتفاق دفاعي محتمل: قواعد جوية تركية في سوريا
بحسب أربعة مصادر مطلعة، فإن الاتفاق الدفاعي المشترك الذي يتم مناقشته يشمل:
- إنشاء قواعد جوية تركية في وسط سوريا لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين.
- تدريب الجيش السوري الجديد بإشراف الجيش التركي، بهدف إعادة هيكلة القوات المسلحة السورية.
- تعزيز التعاون الأمني بين دمشق وأنقرة لضمان الاستقرار في المناطق الحدودية ومنع أي تهديدات أمنية.
.webp)
قلق قوات سوريا الديمقراطية (قسد)
لا شك أن أي اتفاق عسكري بين دمشق وأنقرة سيشكل مصدر قلق لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تسيطر على أجزاء واسعة من شمال شرق سوريا، خاصة أنها كانت قد أعلنت سابقًا عن استعدادها لتسليم أسلحتها والانضمام إلى الجيش السوري الجديد بمجرد وضوح شكل الحكومة الانتقالية والدستور الجديد.
لكن تركيا لا تزال تعتبر وحدات حماية الشعب الكردية، التي تعد العمود الفقري لقسد، امتدادًا لحزب العمال الكردستاني، المصنف كمنظمة إرهابية من قبل أنقرة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
دور تركيا في الأزمة السورية: من دعم المعارضة إلى بناء مستقبل جديد
على مدى أكثر من عقد من الزمن، قدمت تركيا دعمًا عسكريًا وسياسيًا كبيرًا للمعارضة السورية المسلحة، وكانت أحد أبرز الفاعلين في الأزمة السورية.
- شنت ثلاث عمليات عسكرية داخل الأراضي السورية، استهدفت اثنتان منها المقاتلين الأكراد، ما أدى إلى سيطرة تركيا على ثلاث مدن رئيسية شمال وغرب البلاد.
- دعمت المجموعات المسلحة المعارضة للإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد، وهو ما تحقق مع سيطرة الفصائل المعارضة على دمشق في ديسمبر الماضي.
- بعد سقوط النظام السابق، بدأ الدور التركي في إعادة توجيه سياسته نحو بناء مستقبل مستقر لسوريا، بدلًا من التركيز على إسقاط النظام فقط.
مواجهات في الشمال السوري بعد سقوط دمشق
بعد سيطرة الفصائل على دمشق، اندلعت معارك عنيفة في شمال شرق سوريا بين القوات المدعومة من تركيا، وقوات قسد، التي تسعى للحفاظ على نفوذها في المنطقة.
هذا الصراع يزيد من تعقيد المشهد السوري، حيث تحاول أنقرة إعادة ترتيب المشهد الأمني والعسكري بما يخدم مصالحها، بينما تحاول القوات الكردية البحث عن ضمانات دولية للحفاظ على وجودها.
التواصل الأمني بين أنقرة ودمشق: زيارات دبلوماسية رفيعة المستوى
التقارب التركي السوري لم يكن وليد اللحظة، بل سبقه سلسلة من اللقاءات الأمنية والدبلوماسية:
- إبراهيم كالين، رئيس جهاز الاستخبارات التركي، زار دمشق بعد أيام من الإطاحة ببشار الأسد، مما يعكس رغبة أنقرة في لعب دور مباشر في المرحلة الانتقالية.
- هاكان فيدان، وزير الخارجية التركي، كان أول وزير خارجية يزور دمشق بعد تغيير النظام، في خطوة تؤكد التوجه التركي نحو التعاون مع القيادة السورية الجديدة.
التعهد التركي بإعادة الإعمار ودعم الاستقرار
في إطار جهودها لضمان الاستقرار وإعادة الإعمار، قدمت تركيا عدة تعهدات لدعم الحكومة الانتقالية في سوريا، وتشمل:
- المساهمة في إعادة بناء البنية التحتية السورية، وخاصة في المناطق التي تضررت بشدة من الحرب.
- المساعدة في صياغة دستور جديد لسوريا، يتناسب مع متطلبات المرحلة الانتقالية.
- تزويد المناطق السورية بالكهرباء والمياه، لضمان تحسين ظروف المعيشة للسكان.
- استئناف الرحلات الجوية بين تركيا وسوريا، لتسهيل حركة الأفراد والتجارة بين البلدين.
ما الذي يعنيه هذا التقارب للمنطقة؟
التحول في العلاقات التركية السورية يحمل عدة دلالات إقليمية ودولية:
- تخفيف حدة النزاع في سوريا عبر تعزيز التعاون بين البلدين.
- تقليص النفوذ الإيراني في سوريا، حيث قد يؤدي التقارب التركي السوري إلى تقليل الحاجة إلى الوجود العسكري الإيراني في البلاد.
- إعادة ترتيب المشهد الكردي في شمال سوريا، حيث قد تواجه قوات قسد ضغوطًا متزايدة للاندماج في الجيش السوري الجديد أو الانسحاب من المناطق التي تسيطر عليها.
- دور أكبر لتركيا في إعادة إعمار سوريا، مما قد يمنحها نفوذًا اقتصاديًا وسياسيًا واسعًا في المنطقة.
.webp)
التحديات التي تواجه الاتفاق التركي السوري
رغم كل الإيجابيات المحتملة، لا تزال هناك عدة تحديات قد تعرقل تنفيذ هذا الاتفاق:
- معارضة بعض الفصائل المسلحة، التي قد ترى في هذا الاتفاق تهديدًا لنفوذها.
- الموقف الأميركي والأوروبي، حيث قد تعترض واشنطن على أي اتفاق يسمح لتركيا بتوسيع نفوذها العسكري في سوريا.
- رد فعل إيران وروسيا، حيث لا تزال طهران وموسكو من اللاعبين الرئيسيين في الملف السوري، وأي اتفاق تركي سوري قد يتعارض مع مصالحهما.
- الملف الكردي، حيث قد تحاول قوات قسد إيجاد بدائل دبلوماسية لحماية مكاسبها، مثل التفاوض مع الولايات المتحدة أو التوصل إلى اتفاق مع الحكومة السورية.
مستقبل العلاقات التركية السورية: هل نحن أمام مرحلة جديدة؟
مع استمرار المفاوضات بين أنقرة ودمشق، يبدو أن سوريا قد تدخل مرحلة جديدة من التعاون مع تركيا، بدلاً من النزاع المستمر.
في ظل هذا التقارب، تظل هناك أسئلة مفتوحة حول كيفية تنفيذ هذه الاتفاقيات، وما إذا كانت ستؤدي إلى استقرار حقيقي في البلاد أم أنها مجرد مرحلة انتقالية ستعقبها صراعات جديدة.
خطوة مهمة لكن التحديات قائمة
تعتبر زيارة الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع إلى أنقرة خطوة تاريخية قد تعيد تشكيل العلاقات التركية السورية، ولكن نجاح هذه المبادرة يعتمد على مدى استعداد الطرفين لحل القضايا الخلافية والعمل على تحقيق الاستقرار الدائم في المنطقة.
مع تزايد التحديات الإقليمية، قد يكون هذا الاتفاق بداية لعهد جديد في سوريا، لكنه لا يزال يواجه اختبارات سياسية وعسكرية معقدة، قد تحدد مستقبل العلاقة بين البلدين خلال السنوات القادمة.