.webp)
بعد أكثر من ثمانية أشهر من الإغلاق، شهد معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر إعادة فتحه اليوم السبت، وسط إجراءات مشددة وترتيبات جديدة تهدف إلى تنظيم حركة العبور، خاصة للمرضى والمصابين الذين يحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة. وشهد المعبر منذ الصباح الباكر وصول عدد كبير من سيارات الإسعاف لنقل الجرحى إلى المستشفيات المصرية، في خطوة تهدف إلى تخفيف الضغط على المنشآت الطبية في القطاع التي تعاني من نقص حاد في الموارد.
نقل الجرحى وفق اتفاق وقف إطلاق النار
في أول يوم من إعادة تشغيل المعبر، سيتم نقل المرضى والجرحى إلى المستشفيات المصرية، وفقًا لما أفاد به مراسل العربية/الحدث. ومن المقرر أن تسمح إسرائيل يوميًا بمغادرة 50 فلسطينيًا من المرضى و50 آخرين من الجرحى، بالإضافة إلى مرافقين لهم، وذلك وفق البنود المتفق عليها في اتفاق وقف إطلاق النار.
وكانت وزارة الصحة الفلسطينية قد أعلنت في وقت سابق أن أسماء المرضى والمرافقين سيتم تنسيقها مع الجانب المصري، على أن يتم تجميعهم في مجمع الشفاء الطبي في غزة ومجمع ناصر الطبي في خان يونس، قبل نقلهم إلى مصر.
ضغط على المستشفيات في غزة
جاء فتح معبر رفح في وقت حرج، حيث تعاني المستشفيات في غزة من اكتظاظ كبير ونقص في الإمدادات الطبية، نتيجة العمليات العسكرية المستمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. ووفقًا لتقارير وزارة الصحة الفلسطينية ومنظمة الصحة العالمية، بلغ عدد المصابين الفلسطينيين منذ بداية الصراع 111,580 مصابًا، من بينهم 12 ألف جريح بحاجة ماسة إلى الإجلاء الطبي لتلقي العلاج خارج القطاع.
ترتيبات إدارية وأمنية جديدة
مع إعادة فتح المعبر، دخلت ترتيبات إدارية جديدة حيز التنفيذ، خاصة فيما يتعلق بالإشراف والمراقبة. فمنذ عام 2007، كانت حركة حماس تدير المعبر، إلا أنه بموجب التفاهمات الأخيرة، ستتولى بعثة "يوبام رفح" الأوروبية مسؤولية مراقبة تشغيل المعبر، إلى جانب موظفين فلسطينيين غير مرتبطين بحماس، فيما ستبقى هناك رقابة إسرائيلية محدودة لضمان الالتزام بالقيود التي وضعتها تل أبيب على حركة العبور.
عودة السلطة الفلسطينية إلى إدارة المعبر
أكدت السلطة الفلسطينية أنها ستشارك في إدارة معبر رفح، رغم استمرار بعض القيود الإسرائيلية. ووفقًا لمصدر فلسطيني في السلطة، فقد تم تعيين مشرف جديد يمثل السلطة الفلسطينية في إدارة المعبر، ما يشير إلى خطوة جديدة نحو تعزيز دور السلطة في إدارة المعابر وفق الاتفاقات الدولية الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.
وأضاف المصدر أن "عودة موظفي السلطة الفلسطينية للعمل في رفح تمثل خطوة أولى نحو استعادة دورها في إدارة المعابر، وفق التفاهمات الدولية التي تم التوصل إليها خلال السنوات الماضية".
معبر رفح: شريان الحياة لسكان غزة
يعتبر معبر رفح الحدودي نقطة العبور الرئيسية بين قطاع غزة ومصر، وهو المنفذ الوحيد لسكان غزة إلى العالم الخارجي بعيدًا عن المعابر الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية. وخلال السنوات الماضية، ظل المعبر مفتوحًا بشكل متقطع بسبب القيود الأمنية والسياسية، مما جعل فتحه المتكرر أمرًا حيويًا لسكان القطاع.
الجانب المصري وإجراءات العبور
من جانبه، أكدت السلطات المصرية أنها ستواصل استقبال المرضى والجرحى الفلسطينيين في مستشفيات سيناء والقاهرة، مع توفير الخدمات الطبية اللازمة لهم. كما أشارت تقارير إلى أن مصر ستبقي على آلية مراقبة مشددة لضمان الالتزام بالإجراءات المتفق عليها، ومنع تسلل أي عناصر غير مرغوب فيها.
وبحسب مصادر أمنية مصرية، فإن "الجانب المصري أجرى ترتيبات أمنية مشددة على طول الحدود مع غزة، لضمان سير عملية العبور بسلاسة، مع الإبقاء على التنسيق مع جميع الأطراف المعنية".
ردود فعل إسرائيلية
على الجانب الإسرائيلي، لا تزال هناك مخاوف أمنية مرتبطة بإعادة تشغيل المعبر. ووفقًا لمصادر إعلامية، أعربت تل أبيب عن قلقها من أن يؤدي فتح معبر رفح إلى تعزيز القدرات اللوجستية لحركة حماس، مشيرة إلى أنها ستواصل مراقبة التطورات عن كثب.
وفي هذا السياق، استبعدت إسرائيل بعض الأسماء من قوائم العاملين في المعبر، بحجة ارتباطهم بحركة حماس. كما سمحت بدخول بعض المعدات اللوجستية والأمنية لتعزيز الرقابة على حركة العبور.
مستقبل المعبر بعد الهدنة
مع استمرار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، يبقى السؤال حول ما إذا كان سيتم الإبقاء على الترتيبات الجديدة بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق، أم أن إسرائيل ستعود إلى فرض قيود مشددة على المعبر. كما أن دور السلطة الفلسطينية في إدارة المعبر لا يزال قيد الاختبار، خاصة مع استمرار التحديات السياسية والأمنية في المنطقة.