كارثة جوية في السودان: تحطم طائرة عسكرية في أم درمان يودي بحياة 46 شخصًا
![]() |
النيران اشتعلت بالمكان إثر سقوط الطائرة |
شهد السودان كارثة جوية مأساوية مساء الثلاثاء، حيث تحطمت طائرة عسكرية سودانية من طراز "أنتونوف 32" في منطقة سكنية بمدينة أم درمان، مما أدى إلى مقتل 46 شخصًا وإصابة 10 آخرين بين عسكريين ومدنيين. وأثار الحادث حالة من الذعر في صفوف السكان المحليين، خاصة أنه جاء وسط تصاعد المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ما زاد من تعقيد المشهد الأمني المتدهور في البلاد.
ارتفاع حصيلة الضحايا وسط جهود الإغاثة
أعلن المكتب الإعلامي لولاية الخرطوم، اليوم الأربعاء، أن الحصيلة النهائية للضحايا وصلت إلى 46 قتيلًا بعد استكمال عمليات البحث ورفع الأنقاض من المنازل المتضررة في موقع الحادث.
وكانت وزارة الصحة السودانية قد أكدت في وقت سابق أن جهاز الإسعاف تمكن من نقل عدد من المصابين، بينهم طفلان، إلى مستشفى قريب لتلقي العلاج. وأضافت الوزارة أنها تسخر كافة إمكانياتها لإنقاذ المصابين وتأمين العناية الطبية اللازمة لهم.
ومن المتوقع أن يتم تشييع جثامين الضحايا، من المدنيين والعسكريين، صباح اليوم في أم درمان، وسط أجواء من الحزن والغضب بسبب الأوضاع المتدهورة التي تشهدها البلاد منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
تحطم الطائرة في منطقة عسكرية حساسة
وقع الحادث قرب قاعدة وادي سيدنا الجوية، وهي واحدة من أهم المقار العسكرية للجيش السوداني في مدينة أم درمان.
وتُعتبر هذه القاعدة من النقاط الاستراتيجية التي يعتمد عليها الجيش السوداني في عملياته العسكرية الجارية، مما زاد من التكهنات حول أسباب سقوط الطائرة، سواء كان ذلك نتيجة خلل فني كما أشارت بعض المصادر العسكرية، أو بسبب عمل عسكري متعمد، خاصة مع تصاعد المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع خلال الأيام الأخيرة.
أسباب سقوط الطائرة: عطل فني أم استهداف عسكري؟
وفقًا لمصادر عسكرية، فإن التحقيقات الأولية تشير إلى أن سقوط الطائرة كان نتيجة عطل فني، لكن لم يتم استبعاد احتمالية وجود عوامل أخرى قد تكون أدت إلى الحادث.
يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه قوات الدعم السريع، يوم الاثنين، عن إسقاط طائرة عسكرية تابعة للجيش السوداني في مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، مما أثار تساؤلات حول إمكانية تعرض الطائرة التي تحطمت في أم درمان لهجوم مماثل.
مقتل اللواء بحر أحمد ضمن الضحايا
ومن بين القتلى الذين تم التعرف عليهم، اللواء بحر أحمد، أحد القادة العسكريين البارزين في الجيش السوداني، والذي كان له دور كبير في العمليات العسكرية التي تشهدها العاصمة الخرطوم.
ويُعد مقتل اللواء بحر أحمد خسارة كبيرة للجيش السوداني، خاصة أنه كان من القيادات التي تقود الهجوم المضاد ضد قوات الدعم السريع في العاصمة ووسط البلاد.
الحادث يتزامن مع تصاعد المواجهات العسكرية
يأتي تحطم الطائرة في وقت يشهد فيه السودان تصعيدًا عسكريًا كبيرًا بين الجيش وقوات الدعم السريع، في إطار الصراع المستمر منذ أبريل 2023 بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وتمكن الجيش السوداني في الأسابيع الأخيرة من تحقيق تقدم ميداني في العاصمة الخرطوم وفي بعض المناطق الوسطى، مما جعل النزاع أكثر شراسة، حيث تحاول قوات الدعم السريع الحفاظ على مواقعها الاستراتيجية وسط المدينة.
الحرب في السودان: أزمة إنسانية غير مسبوقة
منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، تسبب النزاع المسلح في السودان في سقوط عشرات الآلاف من القتلى، كما أدى إلى نزوح أكثر من 12 مليون شخص داخل السودان وخارجه، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة.
وتُعتبر الأزمة الإنسانية في السودان من بين الأسوأ في التاريخ الحديث، حيث يعاني الملايين من نقص الغذاء، والمياه، والوقود، والخدمات الطبية، مما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا مع استمرار القتال في المدن الرئيسية.
وقد حذرت منظمات دولية، مثل برنامج الغذاء العالمي ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، من أن استمرار الحرب سيؤدي إلى كارثة إنسانية شاملة، حيث أصبح ثلث سكان السودان بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية العاجلة.
هل يتدخل المجتمع الدولي؟
رغم تفاقم الأوضاع، لا يزال المجتمع الدولي عاجزًا عن إيجاد حل سريع للنزاع السوداني، وسط فشل الجهود الدبلوماسية في وقف الحرب.
ورغم محاولات الوساطة من قبل بعض الدول الإفريقية والعربية، إلا أن طرفي النزاع يواصلان التصعيد العسكري، مما يعيق أي تقدم في اتجاه تحقيق هدنة دائمة أو التوصل إلى تسوية سلمية.
ما الذي يمكن توقعه في الأيام القادمة؟
يُتوقع أن تتواصل المعارك العنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم ومحيطها، مما يزيد من خطر تعرض المزيد من المدنيين للخطر.
وفي ظل هذه التطورات، يواجه السودان مستقبلًا مجهولًا، حيث باتت البلاد على حافة الانهيار، وسط تفاقم الأوضاع الإنسانية والسياسية والأمنية.
ختامًا: تحطم الطائرة مؤشر خطير على تصاعد الأزمة
يُعد تحطم الطائرة العسكرية في أم درمان مؤشرًا خطيرًا على تدهور الوضع الأمني في السودان، خاصة أنه يأتي في سياق تصعيد عسكري واسع النطاق بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وفي ظل استمرار الصراع، يظل المدنيون هم الضحية الأكبر، حيث يدفعون ثمن الحرب المدمرة التي لا يبدو أنها ستنتهي قريبًا.