تأثير الحرب على الاقتصاد اليمني: خسائر ربع تريليون دولار وتدهور حاد في العملة
.webp)
تعاني اليمن من أزمة اقتصادية وإنسانية خانقة بسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من عشر سنوات، حيث تكبدت البلاد خسائر ضخمة تجاوزت 250 مليار دولار من دخلها القومي، وفق ما أكده وزير التخطيط والتعاون الدولي واعد باذيب خلال منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع.
إلى جانب ذلك، تسببت الحرب في تدهور قيمة الريال اليمني بنسبة 700%، وارتفاع معدل التضخم التراكمي إلى 183%، فضلاً عن وصول معدلات البطالة إلى 80%، ما جعل الوضع الاقتصادي أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.
الحرب واستنزاف الاقتصاد اليمني
منذ اندلاع الحرب في 2015، دخل الاقتصاد اليمني في مرحلة انهيار غير مسبوق، حيث فقدت البلاد أكثر من نصف دخلها القومي، مما أثر على القطاعات الحيوية مثل الزراعة، الصناعة، والخدمات.
وبحسب تقرير صادر عن الحكومة اليمنية، فإن الصراع المسلح أدى إلى:
- انخفاض حاد في الإنتاج المحلي، مما أدى إلى زيادة الاعتماد على الواردات.
- تراجع قيمة العملة اليمنية أمام العملات الأجنبية، مما تسبب في ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل كبير.
- تعطل الأنشطة الاقتصادية بسبب تدمير البنية التحتية وتوقف الاستثمارات المحلية والأجنبية.
تدهور قيمة العملة وارتفاع التضخم
أحد أبرز الآثار السلبية للحرب هو الانهيار الكبير في قيمة العملة اليمنية، حيث فقد الريال اليمني أكثر من 700% من قيمته مقارنة بما كان عليه قبل الحرب.
هذا الانخفاض الحاد تسبب في ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، حيث أصبحت السلع الأساسية باهظة الثمن، مما أثر بشكل مباشر على مستوى معيشة المواطنين.
ووفقًا للبيانات الرسمية، فقد وصل معدل التضخم التراكمي إلى 183%، مما زاد من تفاقم الأزمة الاقتصادية وأدى إلى انخفاض القوة الشرائية للمواطنين، خاصة في ظل تأخر صرف الرواتب وندرة فرص العمل.
البطالة تصل إلى 80%: أزمة معيشية خانقة
إضافة إلى تدهور الاقتصاد وارتفاع التضخم، شهدت نسبة البطالة ارتفاعًا غير مسبوق، حيث وصلت إلى 80% من إجمالي القوى العاملة، وهي نسبة صادمة تعكس مدى تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
وتعود أسباب ارتفاع البطالة إلى:
- إغلاق آلاف الشركات والمصانع بسبب الحرب وانعدام الاستقرار.
- توقف المشاريع الاستثمارية وانسحاب المستثمرين من السوق اليمني.
- تراجع قطاع الزراعة والصيد نتيجة الحرب، مما أفقد آلاف اليمنيين مصادر رزقهم.
هذا الواقع أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر والجوع، حيث أصبح أكثر من 70% من السكان بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وفق تقارير الأمم المتحدة.
جهود الحكومة اليمنية لتحقيق التعافي الاقتصادي
في ظل هذا الوضع الصعب، أكدت الحكومة اليمنية أنها تعمل على وضع خطة قصيرة ومتوسطة الأجل لاستعادة الاستقرار الاقتصادي، حيث تركز على:
- إيقاف التدهور الاقتصادي من خلال تعزيز الاستقرار النقدي والمالي.
- تحفيز القطاع الخاص وإيجاد بيئة استثمارية مشجعة لإعادة دوران عجلة الاقتصاد.
- تعزيز الحوكمة والشفافية في المؤسسات المالية لمكافحة الفساد وتحسين الإيرادات.
- إعادة بناء البنية التحتية لدعم المشاريع الإنتاجية وتوفير فرص عمل.
وأكد واعد باذيب أن الحكومة تعمل بالتنسيق مع الشركاء الدوليين والدول المانحة لتنفيذ هذه الإصلاحات، مشيرًا إلى أن هناك جهودًا حثيثة لدعم التنمية المستدامة وتحقيق التعافي الاقتصادي.
دور المجتمع الدولي في دعم اليمن
نظرًا لحجم الكارثة الاقتصادية التي تواجهها البلاد، فإن دور المجتمع الدولي أصبح حاسمًا في مساعدة اليمن على الخروج من أزمته.
وخلال منتدى الرياض الدولي الإنساني، تم مناقشة آليات التعاون بين الحكومة اليمنية والمنظمات الدولية، حيث أكد المشاركون على ضرورة:
- تقديم الدعم المالي والفني للحكومة اليمنية لتعزيز قدرتها على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية.
- دعم القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة لتوفير مصادر دخل مستدامة.
- تمويل برامج تشغيل الشباب لمكافحة البطالة وإعادة دمج القوى العاملة في الاقتصاد.
- تعزيز التعاون بين الدول المانحة لضمان استمرارية المساعدات الإنسانية.
مستقبل الاقتصاد اليمني: هل هناك أمل؟
رغم التحديات الكبيرة التي تواجه اليمن، إلا أن هناك فرصًا حقيقية يمكن استغلالها لإعادة بناء الاقتصاد، ومنها:
✔ الاستفادة من الدعم الدولي في تنفيذ مشاريع تنموية توفر فرص عمل.
✔ تعزيز الحوكمة الاقتصادية لضمان إدارة الموارد المالية بكفاءة وشفافية.
✔ إعادة تأهيل البنية التحتية لتحفيز عودة النشاط الاقتصادي.
✔ الاستثمار في القطاعات الحيوية مثل الطاقة المتجددة والزراعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
إلا أن تحقيق هذه الأهداف يعتمد بشكل أساسي على إنهاء الحرب واستعادة الاستقرار، إذ أن استمرار الصراع سيؤدي إلى مزيد من التدهور الاقتصادي والإنساني.
الخاتمة
يواجه اليمن إحدى أكبر الأزمات الاقتصادية في تاريخه الحديث، حيث فقد أكثر من ربع تريليون دولار من دخله القومي، مع انهيار العملة الوطنية بنسبة 700%، وارتفاع التضخم إلى 183%، ووصول البطالة إلى 80%.
ورغم الجهود الحكومية والمساعدات الدولية، فإن الحل الحقيقي يبدأ بوقف الحرب، لأن أي جهود اقتصادية ستظل غير كافية ما لم يتحقق السلام والاستقرار.
ويبقى السؤال الأهم: هل سينجح اليمن في تجاوز هذه الأزمة واستعادة عافيته الاقتصادية، أم أن الصراع سيظل العائق الأكبر أمام أي تقدم؟