القاتل الصامت: خطر أول أكسيد الكربون في الشتاء وطرق الوقاية منه
.webp)
مع حلول فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة، يعتمد الكثيرون على وسائل التدفئة المختلفة داخل منازلهم، غير مدركين للمخاطر التي قد تنجم عن سوء استخدامها. من بين هذه المخاطر، يبرز خطر الاختناق بغاز أول أكسيد الكربون، المعروف باسم "القاتل الصامت"، الذي لا يمكن اكتشافه بسهولة لأنه بلا لون أو رائحة، مما يجعله يشكل تهديدًا حقيقيًا على حياة الأفراد.
مأساة متكررة: ضحايا القاتل الصامت في الأردن
شهد الأردن خلال الموسم الشتوي الحالي العديد من الحوادث المأساوية الناجمة عن استنشاق غاز أول أكسيد الكربون المنبعث من المدافئ، والتي أودت بحياة 21 شخصًا وأصابت حوالي 560 آخرين، وفقًا لما أفاد به الدفاع المدني الأردني.
وفي حادثة مأساوية أخرى، لقي أربعة أفراد من عائلة واحدة مصرعهم في محافظة جرش شمالي الأردن، تحديدًا في منطقة ظهر السرو. الضحايا، وهم عبد الكريم المقابلة وزوجته وطفلاهما، فقدوا حياتهم نتيجة استنشاق الغازات السامة المنبعثة من مدفأة الغاز داخل منزلهم.
فرق الإسعاف التابعة لمديرية دفاع مدني جرش، بالتعاون مع الشرطة، هرعت إلى موقع الحادث ونقلت الضحايا إلى مستشفى جرش الحكومي، لكن للأسف، لم يكن هناك أي أمل في إنقاذهم.
ما هو القاتل الصامت؟
غاز أول أكسيد الكربون هو غاز سام يتولد نتيجة الاحتراق غير الكامل للمواد العضوية مثل الفحم والخشب والغاز الطبيعي. يُطلق عليه "القاتل الصامت" لأنه عديم اللون والرائحة والطعم، مما يجعله صعب الاكتشاف بدون أجهزة استشعار خاصة.
يؤكد العقيد أنور شديفات، مدير الإسعاف والمساندة الإنسانية في الدفاع المدني الأردني، أن هذا الغاز يشكل خطورة بالغة على صحة الإنسان، حيث يتحد مع الهيموجلوبين في الدم ويمنع نقل الأكسجين إلى خلايا الجسم، مما يؤدي إلى فقدان الوعي والوفاة خلال فترة تتراوح بين 4 إلى 6 دقائق فقط، إذا كانت نسبة التسمم عالية.
أعراض التسمم بأول أكسيد الكربون
يتسبب التسمم بغاز أول أكسيد الكربون في ظهور عدة أعراض على المصاب، والتي قد تتطور تدريجيًا دون أن يدرك الشخص أنه يتعرض للخطر. تشمل هذه الأعراض:
- صداع مستمر وغير مبرر
- دوخة وشعور بالدوار
- نعاس شديد وإحساس بالخمول
- عدم وضوح الرؤية
- صعوبة في التنفس وضيق في الصدر
- فقدان الوعي في الحالات الشديدة
نظرًا لأن هذه الأعراض قد تتشابه مع أعراض نزلات البرد أو الإرهاق، فقد لا يدرك المصابون خطورة الوضع إلا بعد فوات الأوان.
أسباب وقوع حوادث التسمم بالغاز
تعود معظم حالات التسمم بأول أكسيد الكربون إلى أخطاء في استخدام المدافئ أو وجود أعطال فيها. ومن أبرز الأسباب التي تؤدي إلى هذه الحوادث:
- استخدام مدافئ الغاز أو الفحم داخل الغرف المغلقة دون تهوية كافية: يؤدي نقص الأكسجين في الهواء إلى احتراق غير كامل، ما ينتج عنه كميات كبيرة من غاز أول أكسيد الكربون.
- عدم صيانة المدافئ بشكل دوري: قد تتعرض المدافئ للانسداد أو تسرب الغاز بسبب التلف، ما يزيد من خطر التسمم.
- ترك المدافئ مشتعلة أثناء النوم: يعد هذا التصرف من أكثر الأخطاء شيوعًا، حيث يتسبب في تراكم الغازات السامة داخل الغرفة دون أن يشعر النائم بالخطر.
- وجود تسرب في خراطيم الغاز أو مواسير التدفئة: يؤدي ذلك إلى انتشار الغاز في الهواء، مما يزيد من احتمالية استنشاقه.
إجراءات وقائية لتجنب التسمم بالغاز
لتجنب خطر التسمم بغاز أول أكسيد الكربون، يُنصح باتباع مجموعة من الإجراءات الوقائية التي تضمن استخدامًا آمنًا للمدافئ:
- تهوية المنزل بانتظام: يجب الحرص على تجديد الهواء داخل المنزل بشكل دوري، حتى عند استخدام المدافئ.
- عدم وضع المدافئ في الأماكن المغلقة: تجنب استخدام المدافئ في الحمامات أو الغرف الصغيرة التي لا تحتوي على منافذ تهوية كافية.
- الحرص على صيانة المدافئ بشكل دوري: يجب التأكد من سلامة المدافئ وخلوها من أي أعطال أو تسريبات.
- إبعاد المدافئ عن الأثاث والمواد القابلة للاشتعال: يساعد ذلك في تقليل مخاطر الحرائق.
- عدم ترك المدافئ مشتعلة أثناء النوم أو عند مغادرة المنزل: هذا الإجراء البسيط قد يكون الفارق بين الحياة والموت.
- استخدام أجهزة استشعار الغاز: تساعد هذه الأجهزة في الكشف المبكر عن أي تسرب للغاز، ما يمنح فرصة لاتخاذ إجراءات سريعة قبل وقوع الكارثة.
- التأكد من إغلاق خراطيم الغاز بإحكام بعد الاستخدام: تجنب ترك الغاز يتسرب عند عدم الحاجة لاستخدامه.
دور الجهات المختصة في الحد من حوادث التسمم
تعمل مديرية الدفاع المدني الأردني ومديرية الأمن العام على توعية المواطنين بمخاطر غاز أول أكسيد الكربون من خلال حملات إعلامية وإرشادية، تهدف إلى تسليط الضوء على أهمية اتباع إجراءات السلامة.
كما قامت السلطات المختصة بتوفير خطوط ساخنة للطوارئ، مثل رقم (911)، الذي يمكن الاتصال به فور الشعور بأي خطر ناتج عن تسرب الغاز أو حدوث حالات اختناق.
خلاصة: وعي أكبر.. حوادث أقل
إن تزايد حالات الوفاة والإصابات الناجمة عن التسمم بغاز أول أكسيد الكربون يستدعي المزيد من الوعي بأهمية اتباع إجراءات السلامة عند استخدام المدافئ. يجب أن يكون الجميع على دراية بأعراض التسمم وطرق الوقاية، لضمان بيئة آمنة في فصل الشتاء.
الالتزام بتلك الإجراءات الوقائية والتعامل بحذر مع المدافئ قد يكون العامل الأساسي في حماية الأرواح، فالحذر لا يكلف شيئًا، لكن الإهمال قد يكلف الحياة.