قبيل الرحيل.. إدارة بايدن تقترح قيوداً جديدة على تصدير شرائح الذكاء الاصطناعي

قيود تصدير شرائح الذكاء الاصطناعي بايدن والصين رقائق الذكاء الاصطناعي 2024 إنفيديا والذكاء الاصطناعي الأمن القومي الأميركي تصدير التكنولوجيا المتقدمة الابتكار في الذكاء الاصطناعي

 اقترحت إدارة بايدن، التي تقترب من نهاية ولايتها، فرض قيود جديدة وشاملة على تصدير شرائح الذكاء الاصطناعي المصنعة في الولايات المتحدة، في خطوة أثارت ردود فعل واسعة من مختلف الأطراف المعنية بالتكنولوجيا والتجارة العالمية. تأتي هذه القيود ضمن إطار سعي الإدارة إلى تعزيز الأمن القومي وتوجيه استخدام التكنولوجيا المتقدمة بما يخدم مصالح الحلفاء ويحد من قدرات الخصوم.

قيود جديدة على تصدير الشرائح

أعلن الرئيس جو بايدن عن مجموعة جديدة من المبادئ التوجيهية والقيود التي تنظم تصدير شرائح الذكاء الاصطناعي. وقد كشفت الإدارة يوم الاثنين عن "القاعدة النهائية المؤقتة" المتعلقة بنشر الذكاء الاصطناعي، وفقًا لتقرير نشره موقع "تك كرانش" واطلعت عليه "العربية Business". تهدف هذه القيود إلى توضيح السياسات التجارية للدول الحليفة وتبسيط إجراءات ترخيص طلبات الرقائق، لكنها في الوقت نفسه تفرض قيودًا صارمة على مبيعات الشرائح لمعظم دول العالم.

وأوضح بيان صحفي صادر عن البيت الأبيض أن هذه القواعد الجديدة تهدف إلى ضمان استفادة الدول الصديقة من إمكانات الذكاء الاصطناعي مع حماية المصالح الأمنية. ومع ذلك، فإن هذه السياسة تضع قيودًا إضافية على العديد من البلدان لمنع وصول التكنولوجيا المتقدمة إلى جهات تعتبرها الإدارة تهديدًا محتملاً.

 تصنيف الدول وفقًا للقيود

تنص القواعد الجديدة على تقسيم الدول إلى ثلاث مجموعات رئيسية:

- **المجموعة الأولى**: تضم أقرب حلفاء الولايات المتحدة مثل اليابان وكوريا الجنوبية. هذه الدول لن تتأثر بالقيود الجديدة وستظل تتمتع بحرية الوصول إلى شرائح الذكاء الاصطناعي دون قيود إضافية.

 

- **المجموعة الثانية**: تشمل دولًا مثل الصين وروسيا، وهي بالفعل خاضعة لقيود مشددة تمنعها من شراء الشرائح المتقدمة. بموجب القواعد الجديدة، ستواجه هذه الدول مزيدًا من القيود، مما يعقد قدرتها على الوصول إلى نماذج الذكاء الاصطناعي المغلقة.

- **المجموعة الثالثة**: تضم معظم دول العالم. ستُفرض على هذه الدول قيود على عدد وحدات معالجة الرسومات (GPU) التي يمكنها شراؤها، حيث تم تحديد الحد الأقصى عند 50 ألف وحدة معالجة رسومية لكل دولة.

تهدف هذه القيود إلى منع الدول المنافسة، لا سيما الصين وروسيا، من الحصول على الشرائح عبر دول وسيطة. ومع ذلك، يرى محللون أن هذه السياسات قد تعوق انتشار تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في العديد من البلدان، مما قد يضعف من إمكاناتها التكنولوجية ويؤثر على الابتكار.

 ردود الأفعال على القيود الجديدة

أثارت هذه القيود المقترحة انتقادات من بعض الشركات البارزة في صناعة الرقائق. من بين هذه الشركات، أعربت "إنفيديا"، الرائدة في مجال تصنيع وحدات معالجة الرسومات، عن اعتراضها القوي على السياسات الجديدة.

وصفت "إنفيديا" القواعد المقترحة بأنها "غير مسبوقة ومضللة"، محذرة من أن تنفيذها سيؤدي إلى "إعاقة الابتكار والنمو الاقتصادي" على مستوى العالم. وترى الشركة أن القيود ستؤثر بشكل سلبي على قدرتها على تلبية الطلبات العالمية وستفرض تحديات كبيرة أمام الصناعة.

 تطور السياسات الأمريكية

تعد هذه القيود الجديدة امتدادًا للسياسات التي أصدرتها إدارة بايدن في أكتوبر 2022 وأكتوبر 2023، والتي كانت تهدف إلى تقليص وصول الصين إلى التكنولوجيا المتقدمة. وتشير هذه الإجراءات إلى تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، حيث تعتبر واشنطن أن السيطرة على التقنيات الحساسة أمر بالغ الأهمية للأمن القومي.

وفقًا لمحللين، فإن هذه القيود تأتي في سياق المنافسة العالمية على الهيمنة التكنولوجية، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى الحد من تفوق الصين في مجال الذكاء الاصطناعي. وتشمل السياسات السابقة أيضًا تقييد تصدير معدات تصنيع الشرائح وأشباه الموصلات إلى الصين.

 تأثيرات محتملة

يعتقد الخبراء أن القيود الجديدة ستؤدي إلى إعادة تشكيل سلاسل التوريد العالمية للرقائق. قد تتجه الشركات إلى البحث عن بدائل للأسواق التي تأثرت بالقيود، مما يزيد من التكاليف ويؤثر على توفر المنتجات. ومن المتوقع أن تواجه شركات التكنولوجيا الناشئة في الدول المشمولة بالقيود تحديات كبيرة في تطوير أنظمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي.

ويرى البعض أن هذه السياسات قد تؤدي إلى تحفيز دول أخرى على تطوير قدراتها المحلية في صناعة الرقائق لتقليل الاعتماد على الموردين الأمريكيين، مما قد يغير موازين القوى في السوق.

الانتقادات الموجهة للسياسات

بينما تعتبر الإدارة الأمريكية أن القيود ضرورية لتعزيز الأمن القومي، هناك مخاوف من أن تؤدي هذه الإجراءات إلى تقويض التجارة الحرة وتقييد الابتكار العالمي. يحذر خبراء الاقتصاد من أن فرض قيود صارمة دون توفير بدائل أو استراتيجيات دعم قد يضر بالاقتصاد الأمريكي نفسه، حيث يعتمد النمو الاقتصادي إلى حد كبير على تصدير التكنولوجيا المتقدمة.

الخلاصة

تؤكد الخطوة الجديدة لإدارة بايدن استمرار الجهود الرامية إلى تقييد وصول الخصوم إلى التكنولوجيا الأمريكية المتقدمة. ومع ذلك، فإن هذه القيود تفتح الباب أمام نقاش عالمي حول كيفية تحقيق التوازن بين الأمن القومي والنمو الاقتصادي، في وقت يشهد فيه العالم تحولًا جذريًا نحو الذكاء الاصطناعي.


تعليقات