.jpg)
أجرت دراسة حديثة تحقيقًا في مدى صحة النصيحة الشائعة التي تدعو إلى **"شرب المزيد من الماء لتحسين الصحة"**، حيث قامت بمراجعة الأدلة المتوفرة من دراسات سابقة لمعرفة ما إذا كانت زيادة استهلاك الماء بالفعل تعود بفوائد صحية ملموسة. وقد نُشرت نتائج هذه الدراسة في موقع **"New Atlas"**، نقلًا عن دورية **"JAMA Network Open"**.
**أهمية الماء لجسم الإنسان**
يُعد الماء عنصرًا أساسيًا في تكوين جسم الإنسان، إذ يشكل حوالي **60%** من وزن الجسم. ويلعب الماء دورًا حيويًا في العديد من الوظائف الأساسية، أبرزها:
- **تنظيم درجة حرارة الجسم:** يساعد الماء في الحفاظ على توازن حرارة الجسم من خلال التعرق وتبخره.
- **طرد الفضلات:** يساهم في التخلص من السموم والفضلات عبر البول والعرق.
- **حماية الأعضاء الحيوية:** يعمل كممتص للصدمات للدماغ والحبل الشوكي، مما يحميهما من الإصابات.
- **إنتاج اللعاب:** يُسهل عملية الهضم ويحافظ على صحة الفم.
- **تزييت المفاصل:** يضمن مرونة حركة المفاصل ويقلل من الاحتكاك بينها.
**نتائج الدراسة وأثر شرب الماء**
هدفت الدراسة إلى تحليل ما إذا كانت زيادة شرب الماء تعزز من الصحة العامة وتقلل من مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة. أظهرت المراجعة أن شرب كميات كافية من الماء يساهم في تحسين **وظائف الكلى**، وتعزيز **الهضم**، ودعم **نضارة البشرة**، بالإضافة إلى دوره في **الوقاية من الجفاف** الذي قد يؤدي إلى الصداع والإرهاق وضعف التركيز.
ومع ذلك، أشارت الدراسة إلى أن تأثير شرب الماء يختلف من شخص لآخر بناءً على عدة عوامل مثل **العمر**، **مستوى النشاط البدني**، و**الظروف الصحية**. لذا، فإن شرب الماء بكميات معتدلة ومتوازنة يظل الخيار الأفضل للحفاظ على الصحة.
يُنصح عادةً بشرب كمية محددة من الماء يوميًا لتجنب **الجفاف**، الذي يمكن أن يؤثر سلبًا على قدرة الجسم في أداء وظائفه الحيوية. لكن الدراسة الحديثة التي أجراها باحثون في **جامعة كاليفورنيا** ركزت بشكل خاص على **الفوائد الصحية** لشرب كميات أكبر من الماء وتأثيرها على الصحة العامة، وليس فقط على الوقاية من الجفاف.
**توصيات مختلفة لاستهلاك الماء**
أوضح **الدكتور بنيامين بريير**، رئيس قسم **المسالك البولية** في جامعة كاليفورنيا والمشرف على الدراسة، أن كمية الماء المثالية التي يجب شربها يوميًا تختلف بناءً على عدة عوامل، منها العمر، النشاط البدني، والبيئة المحيطة. وأشار إلى أن توصيات شرب الماء غالبًا ما تختلف بناءً على الجهة التي تصدرها، لكن هناك إرشادات عامة يمكن اتباعها.
توصي **الأكاديمية الوطنية الأميركية للطب** بتناول ما يقارب:
- **13 كوبًا** من السوائل يوميًا (ما يعادل **3 لترات**) للرجال الذين تتراوح أعمارهم بين **19 و30 عامًا**.
- **9 أكواب** يوميًا (حوالي **2.1 لتر**) للنساء في نفس الفئة العمرية.
من المهم ملاحظة أن كلمة **"السوائل"** هنا لا تعني فقط **مياه الشرب**، بل تشمل أيضًا جميع المشروبات الأخرى مثل العصائر، الشاي، القهوة، وحتى السوائل الموجودة في بعض الأطعمة مثل الفواكه والخضروات.
**هل شرب كميات أكبر من الماء مفيد دائمًا؟**
ركزت الدراسة على ما إذا كانت زيادة استهلاك الماء عن الكميات الموصى بها توفر فوائد صحية إضافية. وجدت النتائج أن شرب الماء بكميات كافية يدعم أداء الجسم للعديد من الوظائف الحيوية، مثل:
- **تعزيز وظائف الكلى** والمساعدة في التخلص من السموم.
- **تحسين عملية الهضم** ومنع الإمساك.
- **دعم صحة البشرة** وزيادة نضارتها.
- **الوقاية من الصداع** المرتبط بالجفاف.
- **تحسين مستويات الطاقة** والتركيز.
ومع ذلك، حذرت الدراسة من أن الإفراط في شرب الماء قد يكون ضارًا في بعض الحالات، حيث يمكن أن يؤدي إلى ما يُعرف بـ**تسمم الماء** أو **نقص الصوديوم في الدم**، وهي حالة خطيرة تحدث عندما تنخفض مستويات الصوديوم في الجسم بشكل مفرط نتيجة استهلاك كميات كبيرة جدًا من الماء.
**التوازن هو المفتاح**
أكد الدكتور بريير أن المفتاح هو **تحقيق التوازن** في استهلاك السوائل، مشيرًا إلى أن احتياجات الجسم من الماء تختلف بناءً على النشاط البدني، الطقس، والحالة الصحية. فعلى سبيل المثال، يحتاج الأشخاص الذين يمارسون التمارين الرياضية بانتظام أو يعيشون في مناطق ذات مناخ حار إلى شرب كميات أكبر من الماء لتعويض السوائل المفقودة عبر التعرق.
في المقابل، قد يحتاج الأشخاص الأقل نشاطًا أو الذين يعيشون في مناطق باردة إلى كميات أقل من السوائل. كما شدد على أهمية الاستماع إلى إشارات الجسم مثل **الشعور بالعطش** و**لون البول**، حيث يُعد البول الفاتح مؤشرًا على ترطيب الجسم الجيد، في حين يشير اللون الداكن إلى الحاجة لشرب المزيد من السوائل.
.jpg)
**خلاصة الدراسة**
توصلت الدراسة إلى أن شرب كميات كافية من الماء أمر ضروري للحفاظ على الصحة العامة، لكن زيادة الكمية بشكل مفرط لا تعني بالضرورة فوائد إضافية. من المهم الالتزام بالكميات الموصى بها بناءً على احتياجات الجسم الفردية وظروفه الخاصة.
**نصيحة عامة:** يُفضل توزيع استهلاك الماء على مدار اليوم بدلًا من شرب كميات كبيرة دفعة واحدة، مع الانتباه إلى مصادر السوائل الأخرى في النظام الغذائي.
**تأثير شرب الماء على فقدان الوزن**
أظهرت ثلاث دراسات أجريت على بالغين يعانون من **زيادة الوزن** و**السمنة** نتائج إيجابية فيما يتعلق بتأثير شرب الماء على فقدان الوزن. في هذه الدراسات، تم تقسيم المشاركين إلى مجموعات عشوائية، حيث طُلب من مجموعة منهم شرب **1.5 لتر** من الماء يوميًا قبل الوجبات لفترات تراوحت بين **12 أسبوعًا إلى 12 شهرًا**. وجاءت النتائج كالتالي:
- المشاركون الذين شربوا الماء قبل الوجبات سجلوا فقدانًا أكبر في الوزن بنسبة **100%** و**87%** و**44%** مقارنة بمجموعات التحكم.
- يُعزى هذا التأثير إلى أن شرب الماء قبل تناول الطعام قد يساهم في **زيادة الشعور بالشبع**، مما يؤدي إلى تناول كميات أقل من الطعام خلال الوجبات.
ومع ذلك، أظهرت **دراسة رابعة** أُجريت على **38 مشاركًا** نتائج مختلفة، حيث لم يُلاحظ أي ارتباط بين شرب **2 لتر** من الماء يوميًا وتغير الوزن على مدى **ستة أشهر**. من الجدير بالذكر أن هذه الدراسة كانت مختلفة عن الدراسات الأخرى لأن بعض المشاركين كانوا من **المراهقين**، مما يشير إلى أن العمر قد يؤثر على استجابة الجسم لتأثير شرب الماء على فقدان الوزن.
**تأثير شرب الماء على مستويات السكر في الدم الصائم**
أظهرت دراسة أُجريت على **40 مريضًا** تم تشخيصهم مؤخرًا بـ**داء السكري من النوع 2** (خلال السنوات الخمس الماضية) نتائج مشجعة بخصوص تأثير شرب الماء على مستويات **السكر في الدم الصائم**. في هذه الدراسة، طُلب من المشاركين شرب:
- **250 مل** من الماء قبل الإفطار.
- **500 مل** قبل الغداء.
- **250 مل** قبل العشاء.
استمر هذا النظام لمدة **8 أسابيع**، وأظهرت النتائج انخفاضًا كبيرًا في مستويات السكر في الدم الصائم بمقدار **-32.6 مغم/ديسيلتر**، مقارنة بمقدار **5.3 مغم/ديسيلتر** فقط في مجموعة التحكم.
على الجانب الآخر، وجدت دراسة مختلفة أُجريت على **60 مشاركًا** نتائج معاكسة. طُلب من المشاركين شرب **550 مل** من الماء خلال ساعتين من الاستيقاظ و**550 مل** قبل النوم لمدة **12 أسبوعًا**. أظهرت النتائج زيادة طفيفة في مستويات السكر في الدم الصائم بمقدار **0.6 مغم/ديسيلتر**، مما يشير إلى أن توقيت شرب الماء وكميته قد يؤثران بشكل مختلف على مستويات الجلوكوز في الدم.
**تأثير شرب الماء على الصداع**
تناولت دراستان تأثير شرب الماء على **الصداع المتكرر**، حيث طلب من المشاركين زيادة استهلاكهم اليومي من الماء بمقدار **1.5 لتر** لمدة **ثلاثة أشهر**. جاءت النتائج متباينة:
- في إحدى الدراسات التي شملت **102 مشاركًا**، كان هناك تحسن ملحوظ في **جودة الحياة** المتعلقة بالصداع النصفي، حيث أبلغ المشاركون عن انخفاض في عدد الأيام التي يعانون فيها من صداع متوسط الشدة على الأقل. كما تحسن مقياس جودة الحياة الخاص بالصداع بمقدار **4.5 نقطة**.
- رغم هذه النتائج الإيجابية، لم تكن **إحصائيًا دالة**، كما أن **21% فقط** من المشاركين في مجموعة التدخل أكملوا التجربة حتى نهايتها، ما يثير تساؤلات حول فاعلية الالتزام بزيادة استهلاك الماء كوسيلة دائمة لتخفيف الصداع.
**تحليل شامل للنتائج**
تشير هذه الدراسات إلى أن تأثير زيادة استهلاك الماء على الصحة قد يكون **متفاوتًا** بناءً على عدة عوامل مثل:
**العمر**: قد تؤثر الفئة العمرية على كيفية استجابة الجسم لشرب الماء، كما ظهر في اختلاف نتائج المراهقين مقارنة بالبالغين.
- **الحالة الصحية**: قد يستجيب مرضى السكري بشكل مختلف لتغيرات استهلاك الماء مقارنة بالأشخاص الأصحاء.
- **نمط الحياة**: توقيت شرب الماء وكميته يمكن أن يؤثر بشكل كبير على النتائج الصحية.
- **الالتزام**: الالتزام بخطط زيادة استهلاك الماء كان تحديًا في بعض الدراسات، مما قد يؤثر على النتائج.
**خلاصة**
- **فقدان الوزن**: أظهرت بعض الدراسات أن شرب الماء قبل الوجبات قد يعزز فقدان الوزن، بينما لم تجد دراسات أخرى تأثيرًا واضحًا، مما يشير إلى أن فعالية هذا الأسلوب قد تختلف بين الأفراد.
- **السكر في الدم الصائم**: قد يساعد شرب الماء بانتظام في خفض مستويات السكر لدى مرضى السكري، لكن التوقيت والكميات تلعب دورًا مهمًا في التأثير.
- **الصداع**: زيادة استهلاك الماء قد يحسن من جودة الحياة لدى من يعانون من الصداع، لكنه ليس علاجًا مضمونًا.
بشكل عام، **التوازن** والالتزام بتوصيات شرب الماء وفقًا لاحتياجات الجسم الفردية يظل الخيار الأفضل لتعزيز الصحة العامة.