هل تعاني من الأرق وقلة النوم؟ علماء يكتشفون سبباً جوهرياً

أكد الباحثون أن نتائج الدراسة تشير إلى أهمية تكثيف الجهود لدعم الموظفين في الحصول على حاجتهم من الراحة، مما سيؤدي إلى تعزيز إنتاجيتهم بشكل ملحوظ في بيئة العمل.
توترات العمل، الأرق، اضطرابات النوم، إنتاجية العمل، الصحة المهنية، جامعة كاليفورنيا

أظهرت دراسة حديثة أجرتها "جامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس" أن توترات العمل تسهم بشكل كبير في زيادة مخاطر الإصابة بالأرق واضطرابات النوم. نُشرت هذه الدراسة في المجلة العلمية American Journal of Industrial Medicine المتخصصة في الطب المهني.

شملت الدراسة أكثر من 1700 عامل ممن يشاركون في بحث طويل الأمد حول الأوضاع الصحية للأشخاص في منتصف العمر، حيث تمت متابعة حالتهم الصحية على مدار تسع سنوات. ركزت الدراسة على تقييم اضطرابات النوم مثل صعوبة النوم، الاستيقاظ المتكرر أو المبكر، والشعور بالإرهاق طوال اليوم. اعتمد الباحثون في تحليلهم على ستة معايير مختلفة لقياس تأثير الضغوطات المرتبطة بالعمل.

أكد الباحثون أن اضطرابات النوم تمثل تحديًا كبيرًا للصحة العامة. وتشير الإحصاءات إلى أن واحدًا من كل سبعة بالغين في الولايات المتحدة يواجه صعوبة في النوم، بينما يعاني واحد من كل ستة من مشكلات في الاستيقاظ. 
توترات العمل، الأرق، اضطرابات النوم، إنتاجية العمل، الصحة المهنية، جامعة كاليفورنيا


وصرح الدكتور جيان لي، أخصائي الصحة المهنية في "جامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس"، في مقابلة مع موقع "ميديكال إكسبريس" Medical Express، بأن نتائج الدراسة تسلط الضوء على أهمية توفير بيئة عمل داعمة لتحسين الراحة النفسية والجسدية للموظفين. وأضاف: "تؤكد هذه النتائج ضرورة تكثيف الجهود لمساعدة الموظفين في تلبية احتياجاتهم من الراحة، مما سينعكس إيجابًا على إنتاجية العمل ومستويات الأداء." 

وأضاف لي أن تبني استراتيجيات مثل إعادة توزيع أعباء العمل وتوفير مزيد من الاستقلالية للموظفين يمكن أن يساهم في تحسين جودة النوم، ما يعزز صحة الموظفين بشكل عام. 

وأشار الفريق البحثي إلى أن التدخل المبكر في بيئة العمل للحد من التوترات يمكن أن يكون له تأثير ملموس على صحة العاملين. وأوضحوا أن تنفيذ سياسات تعزز التوازن بين الحياة العملية والشخصية، وتقليل ساعات العمل المرهقة، يمكن أن يحد من الأثر السلبي للتوتر على جودة النوم.

توصي الدراسة أصحاب العمل بإعادة النظر في هيكلة العمل وإدارة المهام لضمان بيئة عمل أكثر دعمًا، مع التركيز على أهمية إشراك الموظفين في القرارات التي تؤثر على حياتهم المهنية. هذه المقاربة تعزز من شعور الموظفين بالتحكم في أوضاعهم، وهو عامل أساسي لتحسين النوم وتقليل الشعور بالقلق والإجهاد.

تأتي هذه الدراسة في وقت يتزايد فيه الاهتمام العالمي بالصحة العقلية وتأثير العمل على جودة الحياة. ومع تصاعد التنافسية في بيئات العمل، يزداد الضغط على الأفراد لتحقيق إنتاجية أعلى، مما يؤدي إلى مستويات متزايدة من التوتر والإجهاد المزمن. وتعتبر قلة النوم أحد العوامل الرئيسية التي تسهم في ضعف الأداء الوظيفي وزيادة خطر التعرض لمشكلات صحية مزمنة مثل أمراض القلب والاكتئاب.
توترات العمل، الأرق، اضطرابات النوم، إنتاجية العمل، الصحة المهنية، جامعة كاليفورنيا


ويشير الباحثون إلى أن النوم غير الكافي يؤثر على العمليات العقلية مثل التركيز واتخاذ القرارات، مما ينعكس سلبًا على كفاءة العمل. كما يرتبط الحرمان من النوم بزيادة الأخطاء المهنية واحتمالية وقوع الحوادث، مما يعزز الحاجة الملحة إلى معالجة المشكلة من جذورها.

توفر النتائج التي توصلت إليها الدراسة دعمًا علميًا لإدخال تحسينات على سياسات العمل. وأوضح الباحثون أن تقديم دعم نفسي ومهني للعاملين، مثل جلسات الاستشارة وإدارة الوقت بشكل فعال، يمكن أن يساعد في تحسين نوعية الحياة والعمل على حد سواء.

واختتم الباحثون توصياتهم بالقول إن تنفيذ برامج لزيادة الوعي بأهمية النوم وتأثيره على الصحة يمكن أن يكون خطوة فعالة في تحسين رفاهية الموظفين. وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن تتضمن هذه البرامج نصائح عملية مثل إنشاء روتين نوم منتظم وتقليل التعرض للإجهاد قبل النوم.

تساهم مثل هذه التدابير في بناء قوة عمل أكثر صحة وسعادة، مما يعزز النجاح المؤسسي ويسهم في تحسين الاقتصاد بشكل عام.

تعليقات