.jpg)
بدأت "جامعة موسكو" الحكومية بإجراء تجارب سريرية على دواء جديد يهدف إلى معالجة مشكلة العقم لدى الرجال، وفق ما أوردته وسائل الإعلام الروسية. وقد أعلنت العيادة الجامعية التابعة لمعهد موسكو للأبحاث العلمية عن استعدادها لاستقبال المشاركين في الدراسة السريرية لهذا العلاج المبتكر الذي يستهدف الحالات الحادة من العقم الذكري.
بحسب تقرير لوكالة "تاس" للأنباء، كان الرجال المصابون بأشكال حادة من العقم يفتقرون إلى خيارات علاجية فعالة قبل تطوير هذا الدواء. ويُعرف العقار الجديد باسم "ميديريغ"، وهو مستخلص من خلايا ميزنشيمية سِدوية بشرية. من المقرر أن يتم اختباره على مرضى يعانون من أنواع متعددة من العقم، بما في ذلك حالة انعدام الحيوانات المنوية أو ما يعرف بالأزوسبيرميا.
الدراسة السريرية للدواء تتألف من مرحلتين أولى وثانية، وقد حصلت على موافقة وزارة الصحة الروسية. وستتيح هذه الدراسة للعلماء تقييم مدى فعالية العلاج وسلامته على المرضى. كما أعلنت الجامعة أن الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 21 و60 عامًا مؤهلون للمشاركة في هذه التجارب التي ستُجرى ضمن المركز الطبي العلمي والتعليمي التابع لجامعة موسكو.
وفي بيان صحفي صادر عن "جامعة موسكو"، أوضحت الجامعة أن المرضى الذين يعانون من الحالات الحادة من العقم كانوا يواجهون فرصة شبه معدومة للإنجاب حتى مع استخدام تقنيات الإخصاب المساعد الأكثر تقدمًا. ومع ذلك، فإن دواء "ميديريغ" قد يفتح آفاقًا جديدة ويمنح الأمل لأزواج كانوا يعتبرون حلم الأبوة والأمومة بعيد المنال.
الاختبارات السابقة التي أُجريت على الحيوانات قدمت نتائج مشجعة، حيث ساهم الدواء في استعادة ذكور الفئران قدرتها على الخصوبة وإنتاج ذرية سليمة. ويعزز هذا النجاح الأولي التوقعات بأن العلاج الجديد قد يُحدث تحولًا في علاج العقم الذكري، خاصة لدى الحالات التي لا تستجيب للعلاجات التقليدية.

يشير الباحثون إلى أن استخدام الخلايا الميزنشيمية السدوية يمثل أحد أهم الابتكارات في مجال الطب التجديدي، حيث تمتلك هذه الخلايا قدرات تجديدية فريدة تساعد في تحسين وظائف الأعضاء المتضررة. وأظهرت دراسات سابقة إمكانيات هذه الخلايا في تحسين الأداء الوظيفي للعديد من الأجهزة الحيوية في الجسم، بما في ذلك الجهاز التناسلي.
وصرح الدكتور سيرجي بيترينكو، أحد الباحثين الرئيسيين في المشروع، بأن المرحلة الأولى من التجارب ستُركز على دراسة سلامة الدواء واستجابته الأولية لدى المرضى، بينما تهدف المرحلة الثانية إلى تحليل أعمق للفعالية. وأضاف أن التجارب ستشمل أيضًا متابعة طويلة الأجل لتقييم أي تأثيرات جانبية محتملة قد تظهر على المرضى.
فيما يخص الآلية التي يعتمد عليها دواء "ميديريغ"، فهي قائمة على تحفيز الأنسجة التناسلية المتضررة وتعزيز إنتاج الحيوانات المنوية من خلال توفير بيئة مناسبة لتجديد الخلايا. يعتقد الباحثون أن هذه المقاربة الجديدة قد تقدم حلًا لمشكلات العقم التي ظلت دون علاج ناجح لفترات طويلة.
يذكر أن العقم عند الرجال يعد مشكلة صحية عالمية تؤثر على ملايين الأزواج، حيث تقدر الدراسات أن نحو 15% من الأزواج حول العالم يعانون من صعوبة في الإنجاب، ويعود السبب في ما يقرب من نصف الحالات إلى مشكلات العقم لدى الرجال. ومع محدودية العلاجات المتاحة للعديد من حالات العقم الذكري الحاد، يتزايد الطلب على حلول جديدة وفعالة.
تتوقع الأوساط العلمية أن يحدث تطوير دواء "ميديريغ" نقلة نوعية في ميدان العلاجات الطبية المخصصة للعقم. وإذا أثبتت التجارب السريرية نجاح الدواء في تحسين معدلات الخصوبة، فقد يشكل ذلك بارقة أمل جديدة للملايين من الرجال الذين فقدوا الأمل في الإنجاب. كما قد يفتح الباب أمام استخدامات أوسع للخلايا الميزنشيمية في معالجة أمراض أخرى ذات صلة.
ومن المتوقع أن تستمر التجارب السريرية لعدة أشهر قبل الإعلان عن النتائج النهائية. وفي حال نجاحها، ستتجه الجهود نحو الحصول على موافقات إضافية لتوفير العلاج على نطاق أوسع. وقد أعرب العديد من الخبراء عن تفاؤلهم بإمكانية تطبيق التقنية الجديدة بشكل تجاري في المستقبل القريب، مما سيسهم في تقليل معاناة الأسر التي تأمل في تحقيق حلم الإنجاب.