
حتى الآن، لم تُبدِ شركة "بايت دانس"، المالكة لتطبيق "تيك توك"، أي نية لبيع وحدتها التشغيلية في الولايات المتحدة. ومع ذلك، تدرس الحكومة الصينية عدة سيناريوهات للتعامل مع هذه الأزمة، من بينها خطة مقترحة تستهدف بيع العمليات في الولايات المتحدة لإيلون ماسك، ضمن مجموعة من الخيارات المحتملة.
في حال قررت "بايت دانس" بيع عمليات "تيك توك" في أميركا، فإن المشترين المحتملين سيحتاجون إلى استثمار عشرات المليارات من الدولارات. ووفقًا لتقرير نشره موقع "CNBC" واطلعت عليه "العربية Business"، قد تتراوح قيمة الصفقة بين 40 و50 مليار دولار، وفقًا لتقديرات أنجيلو زينو، نائب الرئيس الأول في شركة CFRA Research.
استند زينو في تقييمه إلى قاعدة مستخدمي "تيك توك" في الولايات المتحدة التي تصل إلى نحو 115 مليون مستخدم شهريًا للهواتف المحمولة. هذا الرقم يجعل "تيك توك" في موقع متقدم مقارنة بتطبيقات أخرى مثل "سناب شات" و"بنتريست" و"Reddit" التي تمتلك قواعد مستخدمين شهرية تبلغ 96 مليونًا و74 مليونًا و32 مليونًا على التوالي. ومع ذلك، يظل التطبيق متأخرًا عن "إنستغرام" الذي يبلغ عدد مستخدميه 131 مليونًا شهريًا.
رغم هذه الأرقام الكبيرة، فإن قيمة "تيك توك" الحالية أقل بكثير مما كانت عليه سابقًا. فقد كانت القيمة المقدرة للتطبيق وقت صدور قرار إدارة بايدن العام الماضي أعلى بحوالي 60 مليار دولار من القيمة الحالية. ويرجع هذا الانخفاض إلى الضغوط الجيوسياسية التي تواجهها "تيك توك" في ظل تصاعد التوتر بين الصين والولايات المتحدة.
من الجدير بالذكر أن تقديرات زينو لا تشمل خوارزميات "تيك توك"، والتي تعتبر جوهرية في نجاح التطبيق. ولن تكون هذه الخوارزميات متاحة لأي مشترٍ أميركي بسبب المخاوف الأمنية المتعلقة بارتباط التطبيق بالحكومة الصينية. وتُعد هذه الخوارزميات محور النزاع بين الحكومة الأميركية و"تيك توك"، إذ تعتبر واشنطن أن هذه التقنية قد تشكل تهديدًا للأمن القومي.
وفي تقييم مختلف، قدّر محللو "بلومبرغ إنتليجنس" قيمة عمليات "تيك توك" في أميركا بما يتراوح بين 30 و35 مليار دولار، مشيرين إلى أن البيع القسري سيؤدي إلى خفض القيمة السوقية للتطبيق. هذا التقدير يعكس التحديات الكبيرة التي قد تواجه أي محاولة لبيع عمليات التطبيق.
ويرى محللو "بلومبرغ إنتليجنس" أن إتمام صفقة بيع عمليات "تيك توك" في الولايات المتحدة سيكون أمرًا معقدًا نظرًا للصعوبات المرتبطة بإيجاد مشترٍ قادر على تحمّل التكلفة الضخمة للصفقة، إلى جانب التحديات التنظيمية المتعلقة بخصوصية البيانات. وهذه العوامل تجعل من عملية البيع أمرًا معقدًا للغاية.
وفي هذا السياق، أبدى عدد من رجال الأعمال اهتمامهم بشراء عمليات "تيك توك" في أميركا. من بين هؤلاء الملياردير فرانك ماكورت ورئيس مجلس إدارة "O'Leary Ventures" كيفن أوليري، اللذان تقدما بعرض للاستحواذ على العمليات الأميركية للتطبيق. وأكد أوليري أن المجموعة مستعدة لدفع ما يصل إلى 20 مليار دولار مقابل شراء الأصول الأميركية دون الخوارزمية.
الجدير بالذكر أن أي عملية استحواذ على "تيك توك" في الولايات المتحدة ستواجه تحديات قانونية وتنظيمية معقدة، خاصة في ظل استمرار المخاوف المتعلقة بالأمن القومي وخصوصية البيانات. بالإضافة إلى ذلك، فإن غياب الخوارزمية سيقلل من جاذبية التطبيق للمشترين المحتملين.
من المتوقع أن تتفاقم الأزمة مع تقدم الإجراءات القانونية في المحكمة العليا الأميركية. وفي حال تم تنفيذ الحظر، قد يشكل ذلك سابقة قانونية لتنظيم عمل التطبيقات الأجنبية في الولايات المتحدة. كما قد يؤدي ذلك إلى إعادة تشكيل سوق وسائل التواصل الاجتماعي، مع تأثيرات محتملة على المستخدمين والشركات المنافسة.
وفي خضم هذه التحديات، ستظل الأنظار متجهة نحو كيفية تعامل "تيك توك" و"بايت دانس" مع هذه الأزمة، وما إذا كانت ستتمكن من التوصل إلى حل يحفظ مصالحها التجارية ويجنبها الحظر الكامل في الولايات المتحدة.